Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

قد تكون (وثيقة الأسرى) طريق الحل الفلسطيني

A A
لازال فهم واقع (ما بعد حرب غزة) تكتنفه الغيوم، ويحيط به الغموض. حيث أصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يربط مستقبل الوضع الإسرائيلي والفلسطيني بقضاياه الشخصية، بما فيها محاسبته على انهيار مخططه في دعم الجماعات المؤدلجة في فلسطين، بما فيها حماس، بهدف إفشال أي محاولة لقيام وحدة فلسطينية، تسعى إلى تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني. وكذلك فشله في تأمين محيط غزة عسكرياً واستخباراتياً بشكل فاضح ودموي. ولذلك فإن التفكير السليم في المستقبل؛ تشوبه أفكار مرضية يحملها بنيامين نتنياهو، لن تؤدي إلى تحقيق الأمن وضمان المستقبل للإسرائيليين، الذين أوصلوه إلى كرسي رئاسة الوزراء بصلاحياته الواسعة، التي تُمكِّنه من تقرير مستقبل ومصير إسرائيل.

ولكن.. دعونا نتجاوز هذا الأمر حتى نتمكن من التفكير عملياً في المستقبل، خاصة الفلسطيني، وتجاهل احتمال قيام نتنياهو بخلق أوضاع جديدة تُحوِّل حرب غزة إلى حرب أوسع من ذلك، بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء والضفة الشرقية لنهر الأردن. وجر الدول المجاورة إلى حرب أكثر دموية وأوسع وأشمل، ووضع مستقبل إسرائيل في مهب الريح السياسية في المنطقة.

الفلسطينيون أصبحوا يتدافعون نحو بعضهم بعضاً لتكوين وحدة صف، ولن يكون تحقيق ذلك صعباً، خاصة وأن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، صرح في الأول من نوفمبر، العام الماضي، بأن قيادة حماس «مستعدة للدخول في مفاوضات سياسية تقود إلى حل الدولتين، على أن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية».

وتشير بعض التقارير الإعلامية؛ إلى أن هناك خلافات داخل حركة حماس حول هذا الأمر، وأن نظرة القيادة العسكرية للحركة تختلف في بعض الجوانب عن نظرة القيادة السياسية، إلا أن هذه الخلافات أو الاختلاف في وجهة النظر يمكن حلها لصالح القضية الفلسطينية، وتحقيق نوع من الأمن والاستقرار للمواطن الذي يعيش حالياً حالة من عدم الأمن، ويتعرض للتنمر الإسرائيلي في مختلف نواحي معيشته.

مطلوب قيادة فلسطينية موحدة لإضفاء الشرعية على إستراتيجية سياسية واقعية، وبينما لا تستطيع السلطة الفلسطينية - (تُمثِّل حركة فتح) بوضعها الحالي- أن تكون هي القيادة الفلسطينية المطلوبة، فإن حركة حماس لا تستطيع توحيد الفلسطينيين تحت رايتها، علماً بأنها اكتسبت شعبية واسعة مؤخراً، ولكن تشير استطلاعات رأي أن الفلسطينيين منقسمون بشكلٍ كبير حول السير تحت راية حماس لوحدها، وهناك جدل داخل حماس على القيادة بين الجناح العسكري للحركة بزعامة يحيى السنوار، الذي اعتبر أن حماس هي المنتصرة في حرب غزة، والقادة السياسيين الذين يعيشون خارج القطاع، وفي مقدمتهم إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي.

من الحلول السياسية المتداولة الآن، أن يكون مروان البرغوتي -القابع في السجون الإسرائيلية منذ أكثر من عشرين سنة (اعتقل عام 2002)- هو القائد الذي يمكن أن يلتف حوله الفلسطينيون متى تولى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إذا أطلق سراحه ضمن صفقة إطلاق الأسرى الحالية، ويعتقد بأنه يتمتع باحترام وثقة العديد من قادة الفصائل الفلسطينية، وكان قد وضع مع حماس، ما عُرِف بوثيقة الأسرى، التي أُعلنت في مايو 2006، واحتوت على رؤية لدولة فلسطينية في الأراضي التي احتلت عام 1967، ووقَّع على تلك الوثيقة خمسة أشخاص، ومنهم مروان البرغوتي، ممثلاً لحركة فتح، إلى جانب ممثلين عن حركة حماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الوطنية لتحرير فلسطين، والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، ودعت الوثيقة لالتحاق حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى منظمة التحرير الفلسطينية، لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

كشفت حرب غزة النوايا الإسرائيلية الحقيقية بشأن تقديم تنازلات جادة لتحقيق السلام مع الفلسطينيين، ويبدو أنها لا ترغب الخروج عن نموذج الاحتلال القائم منذ عقود. وترفض الأحزاب الصهيونية اليمينية المتطرفة قبول قيام دولة فلسطينية، وتسعى للإبقاء على نتنياهو في السلطة. لذا فهناك ضرورة لقيام الدول العربية بالضغط على الإسرائيليين والأمريكيين لحل هذه المعضلة، وتقف المملكة العربية السعودية في مقدمة الصفوف لإيجاد حل للمأساة التي يعيشها الفلسطيني، وإتاحة الفرصة له لإقامة دولته. ومن المسلم به أن أمريكا هي التي تستطيع دفع إسرائيل للخروج من الوضع السوداوي الذي يعيشه رئيس وزرائها، إلا أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يدخل عاماً انتخابياً، وليس أمامه هامش واسع لطرح خطة سلام لما بعد حرب غزة، ومطلوب السرعة في تنفيذ خطة فلسطينية عربية؛ للاستفادة من التعاطف المتزايد لحل الدولتين بالنسبة للقضية الفلسطينية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store