Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

الفكر الشرعي المقدس

A A
بدءًا نقولُ إنَّ التَّقديسَ لغيرِ اللهِ تعالَى يُعدُّ شِركًا بهِ سبحانَهُ، ومَن يُشركْ بِاللهِ فلَنْ يَغفرَ اللهُ لهُ، فهذَا وعدُ اللهِ، واللهُ تعالَى لَا يُخلفُ وعدَهُ، وَمَا يُؤكِّدُ هذَا الوعدَ قولُهُ تعالَى: (إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ)، والشِّركُ باللهِ لَا ينحصرُ في عبادةِ الأصنامِ الجامدةِ، بلْ يُشرِكهُ في أقوالِهِ، وأقوالُهُ سبحانَهُ وتعالَى، التي تتمثَّلُ في التَّشريعاتِ السَّماويَّةِ، التي ضمَّنَها كُتبَهُ المنزَّلةَ على رسلِهِ، وفي أفعالِهِ التي نلمسُهَا في واقعِنَا الحياتِيِّ، والتي تدلُّ عليهِ.

لكن اللافت للانتباه أنَّ البعض -هداهم الله- بدأوا يغالون في معاملة الشخوص إلى مراتب التقديس، فيعتبرون بعض أقوالهم موازية لأقوال الله تعالى، وبعض أفعالهم موازية لأفعال الله تعالى، وبما أن الرسل يعدون الأقرب مكانة عند الله؛ لأنه أصطفاهم وأعدهم لحمل رسالاته إلى البشرية، وغفر لهم ذنوبهم، إلا أنهم بشر يصيبون ويخطئون، مثل حالة البشر، ويعاتبهم الله تعالَى على ذلك، فكيفَ بغيرِهم مِن البشرِ مهمَا بلغتْ مكانتهُم، وعلمهُم وتقواهُم، حيث تبقَى أقوالُهم وأفعالُهم معرَّضةً للخطأِ والصَّوابِ.

وحتَّى يكونَ التَّوحيدُ والعبادةُ والتَّقديسُ خالصًا للهِ تعالَى، فلابُدَّ أنْ تكونَ هِي الدَّليل والمَرْجع، وبمَا أنَّ القرآنَ الكريمَ هُو آخرُ تلكَ الكُتبِ وبِهِ خُتِمتْ الرسالات البشريَّة، وتعليماتهُ وتشريعاتهُ قد أُكملِتْ وَأُتمِّتْ وفُصِّلتْ إلى يومِ القيامةِ، فإنَّهُ يجبُ الالتزامُ بمضامينِهِ دونَ أيِّ قولٍ وفعلٍ، قالَ اللهُ تعالَى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، وقالَ تعالَى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)، وقالَ تعالَى (وَكُلَّ شَيءٍ فَصَّلنَاهُ تَفْصيلا).

فهلْ نلتزمُ بكتابِ اللهِ تعالَى، الَّذِي لَا يَأْتيِهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيِهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، المكتملِ التَّامِّ المُفصلِ ونتركُ أقوالَ البشرِ؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store