Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

المملكة تلامس قمم المجد.. في ذكرى تأسيسها

A A
في يوم استثنائي فريد، يحتفل الشعب السعودي الكريم اليوم بذكرى «يوم التأسيس»، ليعيش اللحظات التاريخية التي سطّرها أسلافهم الكرام، والجهود التي بذلوها، حتى تأسست الدولة السعودية الأولى التي كانت بمثابة واحة وسط الصحراء، عطفاً على ما كانت تعيشه المناطق المحيطة بها من فوضى عارمة، وحالة من عدم الاستقرار الأمني، نتيجة للحروب التي كانت منتشرة بين القبائل المتناحرة، والتي كانت تندلع لأبسط الأسباب، إضافةً إلى الفقر الذي كان السمة الأبرز بسبب انعدام الموارد وقلة مصادر الدخل.

وسط هذا البؤس، استطاع الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- تأسيس الدولة السعودية الأولى وعاصمتها الدرعية، وجمع حوله العلماء والمشايخ والمفكرين الذين استقروا في الدولة الجديدة، واستطاعوا إحداث نهضة علمية بارزة، تجلّت في تأليف العديد من الكتب والمخطوطات، التي لا زالت موجودة حتى اليوم، وتشهد على ذلك التاريخ المضيء.

كذلك شهدت الدولة الجديدة ازدهاراً اقتصادياً غير مسبوق، وأصبحت عاصمة الدولة الجديدة بمثابة مركز استقطاب لكثير من التجار وقبلة تقصدها القوافل التجارية، فارتفع مستوى معيشة السكان، وانتشرت الحرف والمحلات التجارية، وتعددت الأسواق وأماكن البيع.

لم يكن تأسيس الدولة أمراً سهلاً وميسوراً، فالفوضى الأمنية كانت هي العنوان الأبرز، حيث ينتشر اللصوص وقطّاع الطرق، إضافةً إلى وجود كثير من الأعداء المتربصين، لكن عزيمة الرجال التي تحلَّى بها الإمام محمد بن سعود ورجاله الأشداء؛ كانت كافية للتغلب على كل هذه الصعاب، حيث تجاوزوا كل هذه العوائق، وقدموا العديد من التضحيات التي يصعب وصفها، حتى تحقق حلم توحيد البلاد، بعد أن عانت لعقودٍ طويلة من ويلات الفرقة والشقاق والحروب، ليدرك العالم أجمع أن هذه الدولة، التي تسابق الزمن لتطوير واقعها وتحسين مستقبلها، هي أبلغ دليل على أن العزيمة الصادقة والإرادة التي لا تلين يمكن أن تحقق المعجزات، إذا تحلى صاحبها بالإيمان وصدق التوجه.

ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة، ليتعلم أبناء هذه البلاد المباركة حجم التضحيات التي بذلها أجدادهم الأبطال، حتى يكونوا أكثر قدرة على استلهام المعاني العظيمة لهذا اليوم، ويدركوا القيمة الغالية لبلادهم، ويضحوا من أجلها بالغالي والنفيس.

ولأن الله تعالى اختص هذه الدولة المباركة بأن جعلها مهبط وحيه، وحاضنة حرميه الشريفين، فقد هيأ لها رجالاً صادقين، نذروا حياتهم لخدمة كتاب الله، لذلك فقد اهتم الإمام محمد بن سعود بالنهضة العلمية التي تصدت للخرافات والجهل، ووضع الأساس المتين لدولة العلم والحقائق، واختار كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم- دستوراً للدولة، وهو ذات النهج الذي سار عليه فيما بعد المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز آل سعود عندما أعلن تأسيس المملكة العربية السعودية، بحدودها المعروفة حالياً.

وكما اهتم الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- بنشر العلم والمعرفة، فقد اهتم أيضاً بمعاش الناس وحياتهم، وهي نفس الوصفة التي سار عليها الملك عبدالعزيز وأبناؤه الملوك البررة من بعده، فشهدت المملكة نهضة اقتصادية كبرى، وباتت في مقدمة دول المنطقة والعالم من حيث التنمية الاقتصادية.

وما نشهده في هذا العهد الزاهر تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وعضيده وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، هو فصل غير مسبوق من التنمية على هدي رؤية المملكة 2030، حيث أصبحت المملكة في مقدمة دول مجموعة العشرين من حيث النمو الاقتصادي، وتشهد إنشاء مشروعات جديدة ومبتكرة، تهدف لتنويع المصادر الاقتصادية وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، مع توزيع تلك المشاريع على كافة مناطق المملكة لتحقيق التنمية الشاملة.

التهاني الصادقة نرفعها بهذه المناسبة إلى مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، بهذه المناسبة العظيمة، سائلاً الله تعالى أن ينعم عليهما بموفور الصحة والعافية، والتهنئة موصولة للأسرة الحاكمة وللشعب السعودي النبيل بدوام التطور والتنمية، ولهذه القيادة الحكيمة التي أكرمنا بها الله تعالى، والتي تفعل كل ما يؤدي إلى رفاهية شعبها وترقية واقعه وتحسين معاشه وضمان مستقبل أفضل لأجياله القادمة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store