Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

لا تدري لعلها أقرب إلى الله!!

A A
هناك عبارة دارجة بمواقع السوشيال ميديا، موغلة في السذاجة والسماجة، غايتها أن لا تطلق أحكامك على أي إنسان استناداً لظاهره، فربما يكون داخله عكس ذلك، يعني لو رأيت فناناً حياته كلها أغانٍ، وحفلات، وبنات، أو رأيت مشهورة متبرجة 24 ساعة ببثوث التيك توك، وجاكو، والسناب شات، أو رأيت بلطجياً عربيداً يتسكع بالشوارع والأزقة، أو محللاً رياضياً اعتاد الكذب وقلب الحقائق على الشاشة، أو نسوية، أو بوية، أو حتى شلة منحرفة غير أخلاقية، فحذار أن تطلق أحكامك الصادقة عليهم، وإلا فإنك ستواجه عاصفة من الردود الغاضبة، تغلطك وتقمع رأيك، وتنهرك بالعبارة الدارجة؛ (لا تدري لعلها أقرب إلى الله)!!

للمعلومية، عبارة (لا تدري لعلها أقرب إلى الله)، التي يستشهد بها (فانزات) مشاهير الفلس، لتبرير مجاهرتهم بالمعصية، قد تعد عبارة مجرمة وفق نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، متى دلت على تحريض ومساعدة مرتكب مخالفة إنتاج ونشر ما من شأنه المساس بالنظام العام، والقيم الدينية، والآداب العامة، وقد تصل عقوبة السجن والغرامة فيها، لنفس عقوبة المخالفة الأصلية.

لذلك، فإن عبارة (لا تدري لعلها أقرب إلى الله)، لا يصح استخدامها بمفهوم عائم وفضفاض، وإلا فإنها ستعد (حصانة سوشلمدية) لمشاهير التواصل الاجتماعية، فتجعلهم بمنأى عن أي نقد أو تأنيب أو مساءلة، وأسوة بذلك، لا يمكن أن أتخيل مهما بلغ جهل وصفاقة المتابعين، أن يترجموا تلك العبارة على القضايا القائمة، فيتقدموا (مثلاً) بطلب للجهات المختصة، لوقف إجراءات التحقيق والمحاكمة، وإطلاق سراح الفئة المتهمة، تحت ذريعة: (لا تدري لعلها أقرب إلى الله)!!

إن السكوت عن الاستخدام الشائع والخاطئ لعبارة (لا تدري لعلها أقرب إلى الله)، سوف يسهم على المدى القريب، في خلخلة القيم والمبادئ الاجتماعية النبيلة، فيصبح المفهوم السائد لدى الأجيال القادمة: يرى المتبرجة والكاسية العارية أقرب إلى الله من المحجبة، يرى مدمن البذاءة والمجاهر بالمعصية أقرب إلى الله من العابد الزاهد الذي يعتاد المساجد ويكثر السنن والنوافل، يرى العاذر والمؤيد للمنحرفة أقرب إلى الله ممن يستميت لنصحهها وتقويم سلوكها!!

وحتى لا يأخذ مقالنا (لا تدري لعلها أقرب إلى الله)، منحاً آخر مغالطاً لما نقصده، أود التأكيد بأنني مؤمن بعظمة الله جلة قدرته، وبأنه (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)، وأنه بالفعل لا يصح أن تطلق أحكامك على أي إنسان استناداً لظاهره، فربما يكون داخله عكس ذلك، يعني لو رأيت فقيراً عزيز النفس هيئته بائسة وملابسه مهترئة، أو عاملاً بسيطاً بالكاد يؤمن قوت يومه ونفقة أسرته، أو امرأة محجبة وعفيفة أرهقتها الظروف الصعبة والمتغيرات المحيطة، فحذار أن تطلق أحكامك الظالمة عليهم، وإلا ستواجه منا عاصفة من الردود الغاضبة، تغلطك وتصوب رأيك، وتذكرك بعبارة: (لا تدري لعلها أقرب إلى الله)!!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store