Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

هل اللقاءات الحميمية تقي من الأمراض؟!

A A
وصلني تساؤلٌ من أحدِ الأصدقاءِ بعد أنْ شاهدَ فيديو يذكرُ فيهِ طبيبٌ متخصصٌ في المسالكِ البوليَّةِ والنواحِي الجنسيَّةِ ما يلي: «إنَّ هناكَ دراساتٍ كثيرةً توضِّح أنَّ الأزواجَ الذين يتوقفُون عن ممارسةِ الجنسِ بعد الخمسينِ والسِّتين يصابُون بالجلطاتِ القلبيَّةِ والدماغيَّةِ ونسبةِ حدوثِ السرطانِ بينهم عاليةٌ، خاصَّةً المرأةَ التي تعزفُ عن ممارسةِ الجنسِ مع زوجهَا، وتتعطَّل لديهَا اللقاءاتُ الحميميَّةُ ما بعدَ الخمسين، وذلكَ مقارنةً بالأزواجِ الذينَ يمارسُون اللقاءاتِ الحميميَّةَ ما بعدَ الخمسين والستين تكونُ أعمارهُم أطولَ، والنَّواحي البيولوجيَّة لأعضائِهم أحسَنَ صحيًّا، فاستمرارُ اللقاءاتِ الحميميَّةِ، بالاضافةِ إلى أنَّها إيجابيَّةٌ من النواحِي الاجتماعيَّةِ والنفسيَّة، فإنَّها إضافة إلى ذلك، تحمي من الأمراضِ خاصَّةً أمراضَ الشيخوخةِ، فاللقاءُ بين الزَّوجين جنسيًّا فيهِ حمايةٌ للجسمِ من الأمراضِ، فيجبُ تحفيزُ الزَّوجين باللقاءاتِ الحميميَّةِ بالمعدلِ المناسبِ للعمرِ؛ لأنَّ فيه حمايةً بالنسبةِ للرجلِ من أمراضِ البروستات، وبالنسبةِ للمرأةِ حماية من سرطانِ الثَّدي» فهلْ مَا ذكرهُ الدكتورُ المتخصصُ صحيحٌ؟.. هذا ما سألنِي إياه صديقي.
إنَّ الاعتبار الأول في الحفاظ على الصحة بين الزوج والزوجة، ومما يحافظ به على زيادة العمر البيولوجي، وبالتالي العمر العددي، ويقي من الأمراض هو بالدرجة الأولى التناغم الروحي، والارتياح النفسي، والتفاهم في أمور الحياة، والنواحي الاجتماعية، فأحد أهم أركان الارتياح النفسي بين الزوجين، هو صحة وفاعلية اللقاء الهرموني، الذي ينصهر فيه الزوجان ببعضهما، وبالتَّالي تنجذبُ الروحُ للروحِ، والقلبُ للقلبِ، والجسدُ للجسدِ، ويحدثُ تناقلُ وتبادلُ ألطفِ العباراتِ وأزكى الكلماتِ مضافًا إليها جزيئاتٍ وعطرياتٍ من أكسجين الرئتين لكلٍّ منهما نحوَ الآخرِ، فإنَّ ذلكَ بهذِهِ الصورةِ الصحيَّةِ تُعتبرُ أجود أنواعِ الحمايةِ للجسمِ من الأمراضِ، أمَّا إنْ كانَ اللقاءُ الحميميُّ عبارةً عن لقاءٍ هرمونيٍّ عابرٍ ينقضُّ فيه الذَّكرُ على فريستِهِ لثوانٍ أو دقائقَ، ثمَّ يرتمِي جانبًا كمَا تفعلُ ذكورُ بعضِ الحيواناتِ، فإنَّ ذلكَ محرِّضٌ على جلبِ الإمراضِ، مسرِّعٌ للبروستاتا بالظهورِ بالنسبةِ للرجلِ، وللأمراضِ النسائيَّةِ بالإصابةِ؛ لأنَّه لقاءٌ منزوعُ، أو قليلُ الانجذابِ القلبيِّ والنفسيِّ والإنسانيِّ، ومركزٌ فيه بروتين الفحولةِ العابرةِ الضارَّةِ، ولذلكَ جاءَ النَّهي النبويِّ عن ذلكَ بقولِهِ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: (لَا يَقَعَنَّ أَحَدُكُمْ علَى امْرأتِهِ كمَا تقعُ البَهيمَةُ وليكنْ بينهُمَا رَسَولٌ) قيلَ: وما الرسولُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: (القُبلةُ والكلامُ)، ويُفهم من قولِهِ تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ) إنَّه تحفيزٌ للقاءاتِ الهرمونيَّةِ الإيجابيَّةِ بينَ الزَّوجين، وأنَّ في ذلكَ تحقيقَ حمايةٍ ووقايةٍ للنَّفسِ والجسمِ من الأمراضِ لقولِهِ تعالَى: (وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ)، فبالإضافةِ إلى المفهومِ التفسيريِّ للآية بأنْ يقدِّمَ الانسانُ لنفسِهِ يومَ القيامةِ من الأعمالِ الصالحةِ مَا يكونُ له ذخرًا عند ربِهِ، وكذلك قدِّموا لأنفسكم وأجسامِكم وحياتِكم الدُّنيا ما يحققُ الوقايةَ والحمايةَ من الأمراضِ بأنْ تكونَ اللقاءاتُ الحميميَّةُ وفقًا للمعطياتِ الفطريَّةِ التي تتمشَّى مع النَّواحي الإنسانيَّةِ وليس البهيميَّةِ، وأنَّ من الثَّابتِ علميًّا وبحثيًّا أنَّ الحضنَ الدائمَ باعتبارِهِ القلبيِّ والجسديِّ يؤثِّرُ إيجابيًّا على الصحةِ والعمرِ البيولوجيِّ، وقدْ عبَّر عنهُ القرآنُ الكريمُ بقولِهِ تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ)، والتَّعبيرُ عن اللِّباسِ بينَ الزَّوجَينِ وإنْ كانَ يَعني السَّترَ إلَّا أنَّه يعنِي كذلكَ الالتحافَ والحضنَ والضمَّ والقلبَ الواحدَ والرُّوحَ الواحدةَ والنَّفسَ الواحدةَ، وتلك هِي أرقَى معانِي الرومانسيَّةِ واللقاءاتِ الهرمونيَّةِ، وتُعتبر أمور وقايةٍ من الأمراضِ للزَّوجِ والزَّوجةِ، وتشملُ فيما تشملُ تأخُّر أمراضُ الشيخوخةِ.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store