Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

ملاجئ يبنيها البليونيرات.. لماذا؟!

A A
عدد من المشاهير وأصحاب البلايين من الدولارات يتسارعون، هذه الأيام، لبناء ملاجئ تحميهم من الكوارث التي تتسبب فيها أي حرب عالمية ثالثة، ومخاطر إعلان منظمة الصحة العالمية عن احتمال انتشار فيروس قاتل. لم يحددوا اسمه، وإنما أطلقوا عليه مسمى (x)، بل وتحركت الحكومة، في الولايات المتحدة الأمريكية، وربما غيرها، لتجديد الملاجئ التي بنتها الحكومة خلال الحرب الباردة، مع الاتحاد السوفيتي.

وانتشرت أسماء مشاهير مثل: ألون ماسك، ومارك زوكربرج، وكيم كارداشيان، وتايلور سويفت، يسعون إلى بناء أو بنوا ملاجئ كوارث لأنفسهم بمئات الملايين من الدولارات، وقيل إن بيل جيتس أصبح يحرص على بناء ملجأ أسفل كل بيت يسكن فيه. وذكر أحد الذين تخصصوا ببناء ملاجئ، أنه يبنى ملجأ بتكلفة خمسة ملايين دولار لأحد الأثرياء في كوالالمبور (ماليزيا). واشتهرت منطقة سكنية في فلوريدا بأنها «ملجأ المليونيرات» في «قرية الخليج الهندي بفلوريدا»، حيث تتوفر فيها ملاجئ خاصة للحماية من الكوارث، وتعيش فيها إيفانكا ترامب، وجيف بيسوس، وعدد آخر من البليونيرات.

هل هناك فعلاً مؤشرات على قيام حرب عالمية ثالثة قريباً؟، أو أن هناك كوارث من نوع آخر يعرف عنها بعض هؤلاء البليونيرات ولكنها لا تصلنا؟، أم أنها هستيريا أصابت أصحاب البلايين؟.

فكرة الملاجئ ليست جديدة، وخلال الحرب الباردة، مع الاتحاد السوفيتي، انتشرت الملاجئ التي تبنيها الدول بشكل واسع، واعتبرت محطات قطارات الأنفاق مناسبة لهذا الغرض، في البلدان التي يتواجد فيها خدمة قطار الأنفاق، وبلغ عمق محطة قطار الأنفاق في كييف (بناها الاتحاد السوفيتي) أكثر من (105) أمتارا، ومحطة سان بطرسبرج في روسيا (60) متراً. وأنشئ الكثير من هذه الملاجئ كإجراء دفاع مدني خلال الحرب الباردة، وجرى تصميمها للسماح للاجئين إليها؛ لتقليل التعرض للنشاط الإشعاعي النووي والاختباء؛ حتى تتراجع هذه المخاطر.

وتقوم هذه الأيام شركات عالمية، كثير منها أمريكية، بإنشاء ملاجئ خاصة حسب المواصفات التي يرغب بها من يدفع تكلفتها، حيث يمكن العيش داخل هذه الملاجئ، عند وقوع كارثة، لأسابيع أو شهور، يتوفر فيها الكهرباء والغذاء والماء. وحدد الدفاع المدني في أمريكا مواصفات كيفية بناء الملاجئ، لكن الأفراد الذين يبنون ملاجئهم الخاصة يزيدون في المواصفات حسب رغباتهم. إلا أن الحكومات، في الغرب والشرق، كانت هي التي بنت أعداداً كبيرة من الملاجئ؛ التي أخذت تعود الآن لتجديدها وصيانتها. حيث أنشأت، خلال الحرب الباردة، ملاجئ للمسؤولين الحكوميين والمنشآت العسكرية، مثل مشروع الجزيرة اليونانية والمخبأ النووي في جبل شايان بالولايات المتحدة الأمريكية. وانتشرت حينذاك الملاجئ في كل أوروبا تقريباً. وأنشأت ألمانيا ملاجئ لحماية 30% من سكانها، والنمسا 30%، وفنلندا 70% والسويد 81%، وسويسرا وفرت ملاجئ لعدد أكبر من مواطنيها ووصلت إلى 114%، ويقول إحصاء نُشر مؤخراً (في عام 2006) أن هناك حوالى ثلاثمائة ألف ملجأ في المساكن الخاصة والمؤسسات والمستشفيات لإيواء 8.6 مليون شخص بسويسرا، وهو عدد يفوق عدد السكان في ذلك الوقت. وأكبر عدد من الملاجئ (أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً) أنشأته ألبانيا خلال أعوام 1964 و1986، خلال الحكم الشيوعي لها.

من المتوقع أن لا يكون نشاط تحديد وبناء الملاجئ للحماية من الكوارث مقتصراً على دول الغرب، إذ إن روسيا والصين، ومن في محوريهما، سيلفت نظرهما استعداد الأفراد والحكومات في الغرب لإنشاء الملاجئ، وسيقومون بالإعداد لحماية مواطنيهم من مخاطر الكوارث.

وإذا قامت حرب نووية فعلاً، فإن شعوب العالم الثالث الفقيرة، ستكون وقوداً لهذه الحرب، وسكانها أكثر عدداً من الذين سيقاتلون بعضهم بعضاً، مما سيؤدي إلى تفليص عدد سكان العالم. والمطلوب حـل دولي لهذه المعضلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store