Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن عربي المغربي

محمود بيطار.. ذكرى من ماضٍ جميلٍ

A A
ثمَّة أنُاسٍ لا يجودُ الزَّمنُ كثيرًا بأمثالِهِم، حتَّى وإنْ ظهرُوا كأشخاصٍ عاديِّين، يمتلكُون كاريزمَا معيَّنةً، وحضورًا جميلًا حينمَا يحلُّونَ أو يرتحلُونَ.

محمود بيطار أحدُ هؤلاءِ.. عرفتُهُ موفَّقًا فأحبَّهُ المكانُ والزَّمانُ، فكانتْ لهُ ذكرياتٌ أنيقةٌ، وكانتْ تذكِّرهُ بذاكرةِ أيَّامهَا السعيدةِ، كانَ محمود الذِي يبدُو دائمًا مهتمًّا بهندامِهِ، محبًّا للحياةِ، قريبًا في الوقتِ ذاتِهِ من النَّظرِ بعينِ الحقيقةِ، أتذكُّرهُ دائمًا بملابسِهِ الأنيقةِ والعِمَّةِ على رأسِهِ، يشاركُ الجميعَ الحبَّ، يسابقُ الزَّمنَ بكلِّ حيويَّةٍ ونشاطٍ، تذكَّرتُهُ علَى مدَى سنواتٍ بكلِّ الرِّضَا والاطمئنانِ، قبلَ رمضانَ يبدأُ في ترتيبِ إحياءِ تراثٍ جميلٍ، وهو (الشعبنةُ)، يجمعُ فيهَا كلَّ الأطيافِ، ويكرمُ فيهَا كثيرًا من رموزِ العملِ الخيريِّ والاجتماعيِّ، الذين لهُم إسهاماتٍ في الخدماتِ الاجتماعيَّةِ، والمبادراتِ الإنسانيَّةِ.

محمود بيطار «العُمدة» -رحمَهُ اللهُ- قلبُهُ مليءٌ بحبِّ الآخرِينَ، سلوكُهُ وأدبُهُ وتعاملُهُ الرَّفيعُ جعلتْ لهُ مكانةً عندَ الجميعِ، هنَا في البلدِ الأمينِ.. مكَّة التِي ملكت القلوبَ وسلبت الأفئدةَ إجلالًا ومهابةً.. قصَّةُ الحبِّ النَّادرةُ التي تعيشُ تفاصيلَهَا أفئدةُ البشرِ، كان -رحمَهُ اللهُ- يقدِّمُ مبادراتِهِ، نعم.. يرحلُ الإنسانُ وتبقىَ أعمالهُ، وتبقَى صورُ إنسانيَّتهُ مختزلةً، إنَّها ذكرَى من ماضٍ جميلٍ.

محمود بيطار ابنُ مكَّة البارُّ، رغمَ سنواتٍ عديدةٍ على رحيلِهِ، إلَّا أنَّ هذَا الرجلَ الذي يحملُ من الوفاءِ لمجتمعِهِ الشيءَ الكثيرَ لا يُنسَى، رحلَ بعقلِهِ الرَّزينِ؛ لأنَّه كانَ يعرفُ بفطرتِهِ أنَّ الحبَّ والعطاءَ صفةٌ إنسانيَّةٌ، إنَّه من المكيِّين وإحدَى نبتاتِ مكَّة المكرَّمة، عاشَ تفاصيلَهَا وصورَهَا وحكاياتِهَا، تربَّى في أحضانِهَا، وعلى ترابِهَا، وداخلَ دورِ ورواشين تلكَ الحاراتِ الأصيلةِ بسكانهَا، عرفتهُ بالحبِّ لهذَا المكانِ، وبوفائِهِ وعطائِهِ لوطنهِ ومجتمعِهِ، والكثيرُون في مكَّة المكرَّمة يعرفُونَ العديدَ من المبادراتِ الإنسانيَّةِ والجوانبِ المضيئةِ في حياةِ هذَا الرجلِ ومساعيهِ.

كانَ اجتماعيًّا بكلِّ ما تعنِي الكلمةُ من معنًى، ربطَ هذَا الرجلُ -رحمَهُ اللهُ- بينَ مهامَّ عملِهِ كعمدةٍ وبينَ مهامِّهِ الإنسانيَّةِ، كنتُ دائمًا أتجاذبُ أطرافَ الحديثِ معهُ بين الحينِ والآخرَ عن مكَّة وشجونِهَا، كانَ يقولُ لي دائمًا: هكذَا هُم أهلُ مكَّة، جيران بيتِ اللهِ الحرامِ، يعرفُونَ قِيَمَ الوفاءِ، وهذَا ديننَا يُعلِّمنَا هذهِ القيمَ التِي كانُوا عليهَا ويتحلُّونَ بهَا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store