Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. محمد أحمد بصنوي

مبادرة «أكمل حياتك وأحفادك في أطهر وآمن بقاع الأرض»

A A
تُعدُّ المملكةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ، مهدَ الإسلامِ، وأقدسَ بقاعِ الأرضِ، وواجهةً مثاليَّةً للعيشِ بالنسبةِ لمليارَي مسلمٍ، بمَا يُشكِّلُ حوالَى 25% من سكَّانِ العالمِ، ونظرًا لمَا تتمتَّعُ بهِ البلادُ من موقعٍ إستراتيجيٍّ، وبنيةٍ تحتيَّةٍ متطوِّرةٍ، واقتصادٍ قويٍّ، حيثُ إنَّها أحدُ أكبرِ اقتصاديَّاتِ العالمِ، وعضوٌ في مجموعةِ الـ20، فهِي واجهةٌ استثماريَّةٌ واعدةٌ، تُقدِّم مزايَا فريدةً وفرصًا استثماريَّةً مُغريةً في مختلفِ القطاعاتِ، مدعومةً برؤيةِ المملكةِ 2030 التِي تُركِّزُ على تنويعِ الاقتصادِ، وخلقِ بيئةٍ استثماريَّةٍ جاذبةٍ.

ليسَ هذَا فقط، بلْ تتمتَّعُ المملكةُ بأمنٍ وأمانٍ بشكلٍ فريدٍ في المنطقةِ، فبلادُنَا تعيشُ في استقرارٍ منذُ عشراتِ السَّنواتِ، وسطَ إقليمٍ وعالمٍ يسبحُ في بحرٍ من الحروبِ والاضطراباتِ، خلافَ الثِّقةِ في الاقتصادِ السعوديِّ، فلمْ نسمعْ أنَّ بلادنَا قامتْ بالقرصنةِ على استثماراتِ أيِّ مستثمرٍ لأيِّ سببٍ كانْ، مثلمَا تفعلُ بعضُ الدولِ المتقدِّمةِ؛ ممَّا يجعلهَا ملاذًا مثاليًّا للمستثمرِ الذي يبحثُ عن الأمنِ والأمانِ، فمزايَا الاستثمارِ في بلادنَا متعدِّدةٌ، ولا تقتصرُ على الأمانِ على المالِ والأرواحِ فحسبْ، ولكنْ حتَّى على الذريَّةِ والأحفادِ في تربيتِهِم -أدبًا، ودينًا، وعلمًا، وخُلقًا، بما يُوفِّرُ بيئةً آمنةً وصحيَّةً للتربيةِ، بعيدًا عن الأفكارِ الشَّاذةِ والظَّواهرِ السَّلبيَّةِ المنتشرةِ في بعضِ البلدانِ، مثلمَا ذكرنَا بالتَّفصيلِ في مقالِ «لا نهضةَ إلَّا بالصِّناعةِ»، خلافَ وجودِ نظامٍ تعليميٍّ متطوِّرٍ يُلبِّي احتياجاتِ جميعِ الفئاتِ العمريَّةِ، من رياضِ الأطفالِ إلى الجامعاتِ، فالحياةُ في المملكةِ فرصةٌ استثنائيَّةٌ للعيشِ والاستثمارِ في بيئةٍ آمنةٍ ومستقرَّةٍ، غنيَّةِ بالثَّقافةِ والقِيمِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ.

انطلاقًا من هذِهِ المزايَا الفريدةِ، نقترحُ مبادرةَ «أكملْ حياتَكَ وأحفادكَ في أطهرِ وآمنِ بقاعِ الأرضِ»؛ لجذبِ المستثمرِينَ من جميعِ أنحاءِ العالمِ، وتهدفُ هذهِ المبادرةُ إلى تقديمِ حوافزَ استثماريَّةٍ مُغريةً للمستثمرِينَ من مختلفِ القطاعاتِ، من تسهيلِ إجراءاتِ الحصولِ على التأشيراتِ والإقامةِ للمستثمرِينَ وعائلاتِهِم، إلى توفيرِ خدماتٍ تعليميَّةٍ وصحيَّةٍ عاليةِ الجودةِ للمستثمرِينَ الأجانبِ الذِينَ لا يجيدُونَ اللُّغةَ العربيَّةَ، أو يجيدُونهَا سواءٌ منهم المسلمُون أو غيرُ المسلمِينَ، وخصوصًا أنَّ معظمَ الأُباءِ في العالمِ متضرِّرُونَ ممَّا يحصلُ في بلدانِهِم من تعليمِ أبنائِهِم للشَّواذِّ، والتَّوجهِ إلى اللا إنسانيَّةِ في تربيةِ نشئِهِم.

ويشملُ أيضًا هذَا المقترحُ إنشاءَ مدينةٍ صناعيَّةٍ للمستثمرِينَ الذِينَ قامُوا بتكوينِ رأسمالِهِم في أيِّ مكانٍ في العالمِ، يشاركُ فيهَا كلُّ مستثمرٍ على قدرِ مقدَّراتِهِ؛ لاستثمارِ مدَّخراتِهِ في الأنشطةِ الاقتصاديَّةِ المتنوِّعةِ بالسُّوقِ المحليِّ، بمَا يُساهم في زيادةِ الاستثماراتِ المباشرةِ؛ لرفعِ الاقتصادِ المحليِّ، كمَا أنّ هناكَ ضرورةً لإنشاءِ مدينةٍ سكنيَّةٍ لمستثمرِي هذهِ المبادرةِ، والعملِ على تلبيةِ مطالبِهِم في السَّكنِ، والرفاهيَّةِ والخصوصيَّةِ لو تطلَّب الأمرُ.

وتتضمَّن آليَّةُ تنفيذِ المبادرةِ في إنشاءِ منصَّةٍ إلكترونيَّةٍ تُقدِّم معلوماتٍ شاملةً عن المبادرةِ ومزايَاهَا، وتنظيمِ حملاتٍ ترويجيَّةٍ في مختلفِ أنحاءِ العالمِ؛ لجذبِ المستثمرِينَ، وتقديمِ تسهيلاتٍ للمستثمرِينَ الرَّاغبِينَ في الاستقرارِ في المملكةِ، وإنشاءِ مجتمعاتٍ خاصَّةٍ للمستثمرِينَ وعائلاتِهِم ومن الآنَ من خلالِ مستثمرِينَ وطنيِّينَ يتمُّ تحفيزُهُم من قِبلِ الدَّولةِ دونَ تكليفِ الدَّولةِ بأيِّ مبالغَ.

تساهم هذه المبادرة حال تنفيذها بالشكل الأمثل في جذب استثمارات أجنبية ضخمة، تساعد في تنويع الاقتصاد، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزز مكانة المملكة كواجهة استثمارية عالمية، وإثراء المجتمع السعودي بتجارب وثقافات جديدة.

من الممكنِ أنْ نُحدِّدَ الصِّناعاتِ الخاصَّةِ بالمستثمرِينَ في هذهِ المبادرةِ، من خلالِ توجيهِهِم نحوَ الاستثمارِ في صناعاتٍ معيَّنةٍ، بمَا يُساهمُ في تقليلِ الاستيرادِ، وزيادةِ الصَّادراتِ والنَّاتجِ القوميِّ، والقيمةِ المضافةِ للمواردِ المتاحةِ مثل التوسُّعِ في صناعةِ الزيوتِ، مثلمَا ذكرنَا بالتَّفصيلِ في مقالِ «الذَّهب الأخضر المفقود»، أو الاستفادةِ من الجلودِ المتاحةِ بوفرةٍ في إنشاءِ مجموعةٍ ضخمةٍ من الصِّناعاتِ الجلديَّةِ، مثلمَا ذُكر في مقالِ «الثَّروة المُهدرة»، أو تعزيزِ القيمةِ المُضافةِ من إنتاجِ التمورِ، مثلمَا ذُكر في مقالِ «الحصان الرَّابح»، أو التوسُّعِ في صناعةِ الأعلافِ والأسمدةِ من بقايَا الطَّعامِ، مثلمَا ذُكر في مقالِ «فرصة ذهبيَّة للاستثمار»، أو التوسُّعِ في صناعةِ مستحضراتِ التَّجميلِ، مثلمَا ذُكر في مقالِ «الفرص الضَّائعة في الصِّناعة»، أو التوسُّعِ في صناعةِ المنتجاتِ الحلالِ، مثلمَا ذُكر في مقالِ «صُنع في السعوديَّة.. مصدرُ ثقةٍ لمليارَي مسلمٍ»... إلخ.

تأثيرُ هذهِ المبادرةِ ليسَ اقتصاديًّا فحسبْ، بل يساهمُ في تشكيلِ نوعٍ من جماعاتِ الضَّغطِ السياسيِّ «اللوبي» من الجنسيَّاتِ المختلفةِ للدِّفاعِ عن المملكةِ، عند مواجهةِ أيِّ أزمةٍ سياسيَّةٍ، فهؤلاء سيتحدَّثُون بلسانِ حالِ المملكةِ في المحافلِ الدوليَِّةِ، فالاستثماراتُ الموجودةُ داخلَ البلادِ، وأبناؤهُم الذِينَ يتوارثُونَ مصانعَهُم، ويعملُونَ بها بعدَ أنْ يكونُوا مؤهَّلِينَ لذلكَ، ستكونُ أكبرَ حافزٍ، للوقوفِ بجانبِ البلادِ في أحلكِ الظُّروفِ -لا سمحَ اللهُ- خلافَ أنَّ التأثُّرَ بالثَّقافةِ السعوديَّةِ مع مرورِ الوقتِ، سيحوِّلهُم إلى سفراءَ للمملكةِ في كافَّةِ أنحاءِ العالمِ.

وفي الختامِ، لا ننسَى أنْ نرفعَ أسمَى التَّهانِي والتَّبريكاتِ للمقامِ السَّامي، والشَّعبِ السُّعوديِّ، والأمَّةِ الإسلاميَّةِ، بمناسبةِ حلولِ شهرِ رمضانَ المباركِ، أعادَهُ اللهُ على الجميعِ بالخيرِ واليُمنِ والبركاتِ، ونُناشدُ اللهَ -عزَّ وجلَّ- أنْ يرفعَ الغُمَّةَ عن إخوانِنَا في غزَّة، وأنْ ينصرَهُم على أعداءِ اللهِ، وأنْ يُحقِّقَ لهُم الأمنَ والاستقرارَ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store