Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

تعقيدات السياسة الباكستانية تتزايد

A A
لن تشهد باكستان استقراراً سياسياً في المستقبل المنظور، جرت الانتخابات البرلمانية يوم 8 فبراير الشهر الماضي، ولم تحقق نتائجها أغلبية واضحة لأي من الأحزاب في البرلمان المكون من (336) مقعداً، وأعلن، أكبر حزبين سياسيين في البلاد، حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (فاز بـ (75) مقعداً)، وحزب الشعب الباكستاني (فاز بـ (54) مقعداً)، والحركة القومية المتحدة (17) مقعداً، وعدد آخر من الأحزاب الصغيرة والمستقلين، تشكيل حكومة ائتلافية، وسط اضطرابات سياسية واسعة. واقتصاد مثقل بالديون، منذ عقود، وعملة محلية فقدت نصف قيمتها منذ عام 2021.

باكستان دولة نووية غنية بالموارد، إلا أن النخب السياسية فيها عاجزة عن التعاون لإصلاح البيت الباكستاني، وتسعى كل منها إلى تحقيق مصالح خاصة ضيقة تُمكِّنها من الحكم وبعيداً عن منافسيها. واتهم الجيش الباكستاني بأنه يسعى إلى فرض سيطرته على مقاليد الحكم، وهي تهمة لم تتغيَّر منذ سنوات، رغماً عن أن قادة الجيش يتغيّرون ويرحلون. ويقال إن قائد الجيش الباكستاني دفع بنجم لعبة الكريكيت السابق، الذي اكتسب شعبية واسعة بالفوز بكأس العالم في هذه اللعبة، والفوز بها عام 1992 لدخول اللعبة السياسية، والفوز بها عام 2018 منافساً الأحزاب التقليدية في البلاد، ويبدو أن لاعب الكريكيت السابق تمكَّن من الحصول على دعم مالي كبير، مكَّنه من الدخول في الحلبة السياسية بشعارات شعبوية، علماً بأنه كان متزوجاً من ابنة أحد المليونيرات اليهود البريطانيين، وطلقها عندما دخل حلبة السياسة، إلا أنه ركز على الجماعات الدينية المتطرفة في المدن ومنطقة القبائل، ورفع الشعارات المناسبة لذلك. وعندما فاز بالسلطة دفع البلاد إلى الابتعاد عن أصدقائها التقليديين، وسعى لكسب ود خصومها، الأمر الذي أثار إعجاب السياسيين والإعلاميين في الدول الغربية، التي تبنَّت دعمه والدفاع عنه. وأفقده دعم المؤسسات الباكستانية بما فيها الجيش والأحزاب التقليدية. مما أدى إلى الإطاحة بحكومته عبر تصويت برلماني، بحجب الثقة عنه منذ عامين، وحوكم بتهم الفساد، وأُدخل السجن.

أبرزت نتائج الانتخابات الأخيرة أن عدداً كبيراً من المستقلين فازوا بمقاعد برلمانية (أكثر من تسعين مقعداً)، وأعلن رئيس الوزراء السابق، (عمران خان من سجنه) أن المستقلين الذين فازوا هم أنصار حزبه، وأنهم فازوا بدعم من الحزب (حزب حركة الإنصاف الباكستانية)، وقام بالإعلان عن تشكيل حكومة، وسمّى رئيس وزرائها وعدداً من الذين سيشغلون وظائف مختلفة، واستدعى «الشيخ رجا ناصر» زعيم «حزب وحدة المسلمين» الذي فاز حزبه بكرسي واحد في البرلمان، واتفق معه على أن يلتحق المستقلون الفائزون المؤيدون له إلى هذا الحزب، حتى يتمكن من تشكيل الحكومة التي لا يسمح الدستور للمستقلين بتشكيلها. إلا أن بعض هؤلاء المستقلين قاموا بالالتحاق بأحزاب أخرى، وتخلوا عن حزبه.

عمران خان لاعب سياسي جديد في الساحة الباكستانية، وهو بشعبويته يكسب أتباعاً، ويغري الناشطين الغربيين في مختلف مجالات (الحقوق) التي يبشرون بها إلى دعمه سياسياً وإعلامياً، بهدف تغيير النظام السياسي في باكستان إلى ما يعتقدون أنه الأفضل. لكن الإصلاحات المطلوبة للوضع الباكستاني الداخلي شديد التعقيد، لن يحل بهذا الشكل، وإنما سيضيف عقدة أخرى إلى العقد التي تجعل من الصعب تصحيح مسار الانحراف القائم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في بلاد يهمنا جميعاً أن تقف على قدميها، وتحقق تقدماً في مسارها نحو الرخاء والرفاه للشعب الباكستاني الصديق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store