Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

العـلاوة السلحفية!!

A A
تقولُ النكتةُ المعبِّرةُ: كان هناك ثلاث سلاحف، رايحين رحلة للأرض الفضاء، اللي وراء بيتهم، وبعد 3 سنوات وصلوا، وفرشوا السفرة، ووضعوا الأكل، فتنبَّهوا إلى أنَّهم: نسوا (الشطَّة)، فاختارُوا أصغرَ واحدة فيهم ترجع البيت تجيبها، قالت أبشرُوا، بس بشرط ما تبدأوا الأكل بدوني، قالوا لها: موافقون. راحت، وانتظروا سنة، سنتين، ثلاثًا، أربعًا، قالوا: الأخت شكلها ماتت، خلنا نأكل، يمكن ما ترجع، وطلَّعوا الأكل بياكلونه، طلعت لهم من وراء الشجرة، وقالت: «كنت شاكَّة أنَّكم بتاكلوا بدوني، لذلك ما رحت أجيب (الشطَّة)، هيَّا احلفوا ما تعيدونها علشان اطمئن وأروح أجيبها»!!

رحلةُ الوعودِ الطويلةُ، التِي تطلقُهَا المواردُ البشريَّةُ بالشَّركاتِ الأهليَّةِ، من أجلِ منحِ علاوةٍ سنويَّةٍ للموظَّفِينَ، وفقًا للهيكلةِ الإداريَّةِ، تشبهُ -إلى حدٍّ كبيرٍ- نكتةَ (رحلةِ السلاحفِ الثلاث)، تسيرُ ببطءٍ شديدٍ، وحينَ يصلُون لوجهتهِم، يتوقَّفُون فجأةً عن تنفيذِهَا؛ بحجَّةِ نسيانِ أجزاءٍ من (الخطَّةِ)، يتعيَّنُ العودةُ من جديدٍ لاتِّخاذِهَا!!

المفارقةُ الغريبةُ: أنَّ الموظَّفَ السعوديَّ بالشَّركةِ الأهليَّةِ يقضِي غالبيَّةَ سنواتِ خدمتِهِ يمنِّي النَّفسَ بالحصولِ على علاوةٍ سنويَّةٍ كتتويجٍ لجهودِهِ ونتائجِهِ القيِّمةِ، لكنَّهُ يُفاجأُ بذهابِهَا للمشرفِ الأجنبيِّ -الذِي لا يقدِّمُ للمنشأةِ ربعَ ما يقدِّمهُ- عن طريقِ (التَّوصيةِ الغزاليَّةِ).. المفارقةُ الغريبةُ: أنَّ الموظَّفَ السعوديَّ بالشركةِ الأهليَّةِ، حينَ يرهقُهُ طولُ انتظارِ العلاوةِ السنويَّةِ، يقدِّمُ استقالتَهُ للفتِ الانتباهِ لهُ، فيُصدمُ بقبولِهَا وإخلاءِ طرفِهِ وصرفِ مستحقَّاتِهِ بسرعةٍ فائقةٍ ومدَّةٍ وجيزةٍ!!

مَا يؤخِّرُ إقرارَ العلاوةِ السنويَّةِ، ليستْ كمَا يُشاعُ المكاتبُ الاستشاريَّةُ الخارجيَّةُ، ولا الإداراتُ العُليَا بالشَّركةِ، بل (شلَّةُ السَّلاحفِ المتنفِّذةِ) التِي تقحمُ نفسهَا بدراسةِ تنظيمِهَا، وتنجحُ بتعطيلِ صدورِهَا، لخصائصِهَا التَّالية: (بطيئةُ الحركةِ)، (ليسَ لهَا أُذنٌ ظاهرةٌ، «وهذَا يساعدُهَا على معرفةِ كلِّ ما يدورُ بالشَّركةِ ونقلِهِ»)، (يتكوَّنُ هيكلُهَا من درقةٍ مقبَّبةٍ يمكنُهَا الاختباءُ داخلهَا؛ «مَا يسهِّلُ عليهَا التَّنصُّلِ من إخفاقِهَا وإلصاقِهِ بغيرِهَا»)، (تضعُ بيضهَا ولا تهتمُّ برعايتِهِ ليفقسَ وحدهُ؛ «لهذَا تجدهَا تحبُّ نفسَهَا وتقدِّمُ مصالحَهَا»)، (تُعدُّ من ذواتِ الدَّمِ الباردِ المعمِّرةِ؛ «لذلكَ وجههَا مغسولٌ مهمَا اكتشفتَهَا، ولا تتركُ وظيفتَهَا رغمَ قلَّةِ إمكاناتِهَا»)!!

لكنْ، ماذَا لوْ شُكِّلتْ لجنةٌ محايدةٌ لدراسةِ وتنظيمِ العلاوةِ السنويَّةِ بالشَّركةِ الأهليَّةِ، مكوَّنةٌ من مديرٍ سعوديٍّ يشبهُ الأسدَ بقيادتِهِ وشجاعتِهِ، ومشرفٍ سعوديٍّ يشبهُ النَّمرَ بقوَّةِ شخصيَّتهِ، ومساعدٍ سعوديٍّ يشبهُ الفهدَ بنشاطِهِ وسرعتِهِ، واختصاصيٍّ سعوديٍّ يشبهُ الثَّعلبَ بمكرِهِ ودهائِهِ، ألنْ يسهمَ ذلكَ كثيرًا في (قلبِ الطاولةِ) على الوصوليِّينَ والمتنفِّعِينَ، ويمنحَ الموظَّفِينَ السعوديِّينَ المحبطِينَ حقوقَهُم المهضومةَ، وعلى رأسِهَا العلاوةُ السنويَّةُ!!

أمَّا أنْ يُتركَ أمرُ دراسةِ تنظيمِ العلاوةِ السنويَّةِ بالشَّركاتِ الأهليَّةِ، تحتَ رحمةِ (شلَّةِ السَّلاحفِ المتنفِّذةِ)، فإنَّ رحلةَ منحِ الحقوقِ الوظيفيَّةِ للكفاءاتِ الوطنيَّةِ، ستمتدُّ سنواتٍ طويلةً، وفي الوقتِ الذِي ينتظرُونَ فيهِ إضافة الزِّيادةِ لرواتبِهِم الشهريَّةِ، يصلهُم خبرُ تعليقِهَا، لحينِ عودةِ الموظَّفِ (السنة الجاية)، بأجزاءِ (الخطَّة) المنسيَّةِ، وقدْ يكونُ مختبئًا وراءَ أحد المكاتبِ مخافةَ أنْ يأكلُوا (وجبةَ العلاوةِ) بدونِهِ؛ ليتحوَّلَ مفهومُ ومسمَّى (العلاوةِ السنويَّةِ) بمَا يتماشَى معَ إجراءاتِهَا البطيئةِ -التِي ستنعكسُ سلبًا على جودتِهَا وقيمتِهَا- إلى (العلاوةِ السلحفيَّةِ)!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store