Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

مساع متواصلة.. لترقية حقوق الإنسان

A A
جاء التنظيم الأخير لإيقاف الخدمات الذي صدر مؤخراً لضمان الحقوق الأساسية للإنسان، وضمان عدم امتداد تأثير العقوبة على تابعي الموقوفة خدماته، وفي نفس الوقت تضمن حقوق الطرف الآخر، حيث تكفل الأنظمة حق الفرد إلا حين يتعدى الفرد على حق غيره، كما راعى التنظيم الحقوق التي لا يمكن المساس بها، وهي حقوق غير قابلة للتصرف، وهو ما يؤكد أن المملكة في ظل قيادتها الرشيدة تضع الإنسان في مقدمة أولوياتها، حيث اهتمت الضوابط بعدم إيقاف الخدمات المرتبطة بحقوق الإنسان الأساسية، كالتعليم والعلاج والعمل وغيرها.

والمملكة عندما تؤكد على ذلك، فهي تجدّد اهتمامها بوضع حد للآثار المترتبة على إيقاف الخدمات، حيث يأتي صدورها اهتماماً ورعايةً من الدولة أيّدها الله بحقوق الإنسان. فقد شكّل التنظيم الجديد ميزاناً لصيانة معادلة الحقوق والواجبات، فكما للفرد حقوق، فإن عليه واجبات لابد أن تُؤدّى.

من هنا كانت الموازنة بين حقوق الفرد والآخرين والمجتمع، بحيث لا يتم التغوّل على أي منها، وهو ما يؤكد أن النهضة التشريعية الشاملة التي تشهدها المملكة؛ في هذا العهد الميمون المبارك تحت قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، هي أكبر المكتسبات التي حققتها المملكة، حيث ترتبط ارتباطاً مباشراً بحقوق الإنسان وصيانة كرامته.

فقد تبوأ الإنسان أولى اهتمامات القيادة الرشيدة -حفظها الله- وتجلّى ذلك بوضوح في تنظيم إيقاف الخدمات، حيث استثنت الخدمات المرتبطة بحقوقه الأساسية وحقوق تابعيه، وهو ما يشكل دافعاً له نحو المسارعة بتسديد ما عليه، ومنحه القدرة على إخلاء طرفه، وتسديد حقوق الآخرين.

ولضمان تحقّق كل ما سبق ذكره، فقد اشترط التنظيم الجديد أن يكون إيقاف الخدمات صادراً بناءً على سند نظامي، أو قرار من مجلس الوزراء، أو أمر سامٍ، أو أمر قضائي، أو أمر من النيابة العامة، إضافة إلى تمكين الشخص المعني من تقديم طلب تمديد المدة الممنوحة له قبل إيقاف خدماته، وكذلك تبليغه قبل مدة كافية من إيقاف خدماته، وكذلك يمنع تنظيم إيقاف الخدمات من أجل التبليغ بالحضور لدى الجهات الحكومية، كما نص على ألا يترتب على الإيقاف ضرر يمتد إلى تابعي الشخص الموقوفة خدماته.

كذلك أخذ التنظيم الجديد في الحسبان تنفيذ الإيقاف على مراحل متدرجة، منخفضة ومتوسطة وعالية الأثر، بحيث لا تتجاوز مدة الإيقاف في المرحلتين الأولى والثانية (30) يومًا لكل مرحلة، وهو ما يؤكد الأثر الإيجابي لتنظيم إيقاف الخدمات وحفظ حقوق الآخرين. أما إلغاء قرار وقف الخدمات، فقد نصّ التنظيم الجديد على أن يكون تلقائياً، ولا يتجاوز تنفيذه وسريان أثره (24) ساعة من الموافقة على إلغائه.

هذه الإجراءات المتواصلة جاءت بصورة رئيسية لوقف التعسف الذي قد يصاحب وقف الخدمات، وهو ما أكدته هيئة حقوق الإنسان التي أشارت إلى أن تنظيم إيقاف الخدمات التي سيتم العمل بها تحقق الهدف الأساسي، وهو الوفاء بالالتزامات دون حرمان الفرد من حقوقه الأساسية.

كذلك، فإن وجود لجنة إشرافية مكونة من 13 جهة حكومية ذات صلة، يمثّل ضمانة قانونية وإجرائية موثوقة تعزّز حماية الحقوق وتصونها، وفق آلية عمل تضمن التطبيق السليم والمتدرّج للقرار، وتحفظ حقوق الجميع لدى كافة الجهات ذات الصلة. لذلك فإن الضوابط الجديدة تحد من الآثار التي قد تحدث أو تلحق ضرراً بالأفراد، مما يجعل من إقرارها تحقيقاً للمبادئ السمحة التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، التي تحرص على حماية وصيانة كافة الحقوق.

وهكذا تؤكد المملكة من جديد حرصها على تعزيز هذه الحقوق، التي نالت خلال السنوات الماضية اهتماماً متزايداً لأجل ترقيتها واستكمال النواقص، وذلك لاستيفاء مطلوبات التوقيع على العديد من العهود والمواثيق الدولية، والتناغم مع الموجّهات العالمية ذات الصلة. ومنذ إقرار الرؤية وحتى الآن، تم إصدار 60 قراراً إصلاحياً تتناول حقوق الإنسان، وأصبحت السعودية بين 36 دولة أكملت الإيفاء بتعهداتها من جملة 197 دولة في العالم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store