Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

هل المدينة أفضل من مكة؟

A A
* عدَّة آلافٍ من المخلصين يمنحُون وقتهم وجهدهم لخدمةِ مدينتهم، واحتضانِ ضيوفِهم، تبدأ مهمتهم النبيلةُ قبلَ رمضانَ بالحصولِ على التصاريحِ اللازمةِ، ومن ثمَّ الإعداد والتَّجهيز، بينمَا تنطلقُ أعمالهم اليوميَّة بُعيد العصرِ، حيث يتسابقُون في مدِّ سُفَرٍ رمضانيَّة تتجاوزُ مجموعَ أطوالهَا الـ»100 ألف متر»، وعليهَا يضعُون أكثرَ من «233 ألفَ وجبةِ إفطارٍ رمضانيٍّ».

*****

* تلك المهمَّة المقدَّسة ترسمُ صورةً إنسانيَّةً رائعةً مغربَ كلِّ يوم، حيث يجتمعُ على تلك السُّفَـر من تختلفُ جنسياتُهم ولغاتُهم، ولكنْ يجمعهم دِيْنُ الحقِّ ووسطيَّته وتسامحهِ، أولئك الضيوفُ الأعزَّاءُ هم المسلمِون المُفطرِون في المسجدِ النبويِّ الشَّريفِ، أمَّا أولئك الكرماءُ المستضيفُون لهم والقائمُون على العنايةِ بهم، فنخبةٌ من أبناءِ المدينةِ النبويَّةِ.

*****

* تلك الصورُ الإنسانيَّةُ يزرعهَا أبناءُ مدينة رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- على مرِّ العصورِ، فهي متوارثةٌ جيلًا بعد جيلٍ، وتتَّكئ على موروثٍ أصيلٍ، فهم مَن قدَّموا قبل 1445 سنة (المؤاخاة)، التي هي بحقٍّ أصدقُ مشروعٍ أو مبادرةٍ للتَّراحم والتَّكافل في تاريخِ البشريَّةِ.

*****

* ولأنها المدينة المنورة، ولأن أهلها هم جيران نبي الرحمة محمد -عليه الصلاة والسلام- فهم لا يكتفون بتفطير ضيوفهم، بل يؤكدون على كرمهم وعلى تلاحمهم وتعاونهم، من خلال مشروعات الإفطار الجماعي الذي يجتمع الأهالي على موائدها في نحو (70 موقعاً)، في تجربة تتبناها جمعية مراكز الأحياء «مجتمعي» بالتعاون مع أمانة المنطقة وجهات أخرى.

*****

*وهنا (المجتمعُ المدنيُّ) تشهدُ على فضلهِ القلوبُ ماضيًا وحاضرًا، ومن سبقت له زيارةٌ لأيٍّ من الدُّولِ الإسلاميَّةِ أو كان له لقاءٌ ببعضِ المسلمِينَ الذين يعيشُون في المهجرِ فسيلمسُ الحبَّ الكبيرَ الذي يحملونه لأهلِ تلك المدينةِ الطَّاهرةِ، الذين يأسرُون زوَّارهم بحُسنِ خُلقهم وسماحتِهم، ولِينِهم وعطفِهم، وهدوئِهم، وحرصِهم على خدمتِهم.

*****

* أخيرًا بإجماعِ العلماءِ فإنَّ مكَّة المكرَّمة والمدينة المنوَّرة هما أفضلُ بقعتَين على هذه الأرضِ، أمَّا أيُّهما أفضلُ؟ فجمهورُ العلماءِ على أفضليَّةِ مكَّة، ومنهم مَن رأىَ حقَّ المدينةِ بالأفضليَّةِ، وإليه ذهبَ عمرُ الفاروق وابنهُ عبدالله -رضي اللهُ عنهمَا- وهو رأيُ مالك -رحمه الله- ولكنَّ المؤكَّد بأنَّ المدينتَين الطَّاهرتَين عند المسلمِين بمثابةِ العينَينِ في الرَّأسِ، ويبقَى لو أنَّ (الفيلسوف اليونانيَّ أفلاطون) رأى طيبةَ الطيِّبة وعايشَ أهلهَا؛ لكانت (مدينتهُ الفاضلة) التي كانَ يحلمُ بهَا، وسلامتكُم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store