Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رمضان شهر المحبة والتسامح

رمضان شهر المحبة والتسامح

A A
الله الذي خلق الإنسان أخبر به، وأعلم بما يصلح حاله، لذا فقد تفضل على الإنسان بتنظيم حياته، وربطه بمواسم إصلاح لما تفسد الدنيا ومغرياتها، فربطه بخمس مواعيد في اليوم ينخلع فيها عن الدنيا وأسبابها، ويقف بين يدي ربه يجدد العهد به وينقي روحه مما علق بها من رواسب الحياة وآثارها، وربطه بموسم سنوي ينخلع فيه عن وطنه وأهله وأحبابه ويغادرهم إلى المشاعر المقدسة في مكة المكرمة ليصلح نفسه ويلتقي بإخوته من المسلمين من كافة أنحاء المعمورة.

ويربطه برمضان موسم الخير والغفران، فيغير نمط حياته طيلة شهر كامل يربي نفسه على تقبل التغييرات من اعتياد على وجبات منتظمة في اليوم إلى انقطاع عن تلك العادات، لضبط شهواته وتربية نفسه على التغيير، ومن مظاهر التغيير أن يراجع الإنسان علاقته بالناس من حوله، فمن كان على قطيعة معه طول العام يبادر إليه ويعيد تلك العلاقة وينظف نفسه وروحه من رواسب الحقد والكراهية فالمحبة والتسامح والسلام هدف من أهداف هذا الشهر الكريم.

لذا أستغل هذه الفرصة في نصح إخواني المسلمين في أن يبادروا إلى مد يد الصفح والتسامح والغفران، حتى يمدهم الله بصفحه وسماحه وغفرانه، ويبادروا إلى تلمس حاجات الناس، حتى يمدهم الله بما يحتاجونه، خصوصاً المحتاجين من الأهل والأقارب، والأيتام وأبناء السبيل المنقطعين عن أهلهم وديارهم وأسباب رزقهم، فالله ينظر إلى عمل المرء ويكافئه من جنس عمله.

هذا الشهر موسم عظيم لا يفوته إلا مخذول ظالم لنفسه، فالأعمال فيه مضاعفة، والجزاء فيه جزيل، وأبواب الرحمة مفتوحة بين السماء والأرض تنزل على قلوب العباد وأرواحهم فتحفهم بالسلام والمحبة، ومن وجد نفسه خارج هذه المنظومة الروحية العلوية من السلام والمحبة فليراجع علاقته بربه، ولينظر موقفه من هذا الشهر، فليست العبرة بالامتناع عن الطعام والشراب والشهوات بل بما يترك هذا الامتناع من آثار عظيمة على النفس والروح والقلب.

وبقدر ما يركز المسلم على العبادات يجب أن يركز على المعاملات، لأن المعاملات ثمرة من ثمار العبادات، ونتيجة لما تترك في النفس من آثار خيِّرة طيبة، لذا ربط الله الصلاة بأعظم مكارم الأخلاق من نهي عن الفحشاء والمنكر وقبائح الأعمال، وربط الصوم بالتقوى نتيجة حتمية للصيام الحق، ومن وجد أن صلاته لا تنهاه عن الفحشاء والمنكر وأن صيامه لا ينمي في قلبه مشاعر التقوى والخوف من الله فليراجع صلاته وصيامه، ولينظر صدقه وإخلاصه والتزامه بما حدد الله له فيهما.

أسأل الله أن يوفق الجميع إلى كل خير، وأن يملأ قلوبنا إيمانا ويقينا، ويكافئنا محبة وسلاماً وقربى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store