Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

المتميزون بحثيًّا والعائدون من البعثة

A A
أحدُ أهمِّ اهتماماتِ الجامعاتِ المتميِّزةِ هو الاعتناءُ الحقيقيُّ بالبحثِ العلميِّ، وصناعة كوادرَ بحثيَّةٍ عالميَّةٍ، وهذا لا يتأتَّى في الوسطِ الجامعيِّ إلَّا من خلال المدارسِ والمجموعاتِ البحثيَّةِ وطلابِ الدراساتِ العُليا، وباحثِي مَا بعدَ الدكتوراةِ postdoctoral، والتَّضافرِ العلميِّ بينَ الباحثِينَ واحتكاكِ المتميِّزينَ وذوي الخبرةِ البحثيَّة في الجامعاتِ بالجديدِ من العائدِينَ من البعثةِ من أساتذةِ الجامعاتِ وهي -فيما أظنُّ- الحلقةُ المفقودةُ في الجامعاتِ السعوديَّةِ، ولعلَّ من أسبابِ ذلك التعثُّر عوامل متعدِّدة منهَا نظامُ الترقيةِ في احتسابِ النقاطِ، وضعفُ التَّشجيعِ الجماعيِّ للباحثِينَ ومنها الاستغناءُ عن الباحثِين المتميِّزين بحثيًّا عند تقاعدِهم وتفريغُ الجامعاتِ منهم، وعدمُ التعاقدِ معهم، ونتحدَّثُ هنا عن المتميِّزين والنَّشطين بحثيًّا، فالاستغناءُ عنهم خسارةٌ وطنيَّةٌ تراكميَّةٌ في تخصُّصاتٍ دقيقةٍ، ومنها كذلكَ ضعفُ دعمِ البحثِ العلميِّ في الجامعاتِ، وإنْ وُجِد فإنَّه لا يزالُ يعانِي من ضعفِ قيمةِ الدعمِ الماليِّ وبنوده لا تسدُّ حاجةَ الباحثِين الجددِ أو القدامَى في بنودِ البحثِ العلميِّ من متطلَّبات مواد وقيمةِ النَّشرِ الذي أصبحَ اليوم مكلِّفًا إذا كانَ المطلوبُ في مجلاتٍ علميَّةٍ مرموقةٍ، ومن ذلكَ كذلكَ ساعاتُ العبءِ التدريسيِّ التي تُكتِّف الأساتذةَ الجددَ من أنْ ينطلقُوا في تقديمِ مقترحاتٍ بحثيَّةٍ؛ لانشغالِهم في التدريسِ والتَّصحيحِ، فعددُ السَّاعاتِ التدريسيَّة لا تقلُّ عن ١٤ ساعةً للأستاذِ المساعدِ المتعيِّن بالإضافةِ إلى إثقالِ عاهلِهِ باللجانِ الإداريَّةِ والأكاديميَّة والأنشطةِ الطُّلابيَّة.

إنَّ فكرةَ المجموعاتِ البحثيَّةِ فكرةٌ رائدةٌ لكنْ لا يزالُ تطبيقها ودعمها كعملٍ جماعيٍّ تخصُّصيٍّ يفتقرُ الى القياداتِ المتفرِّعةِ والأعضاءِ المتفرِّغين والدَّعم الماليِّ لمشروعاتها البحثيَّة، كما أنَّ المقترحاتِ البحثيَّة ذات الأصالةِ تحتاجُ أعضاءً متفرِّغين تمامًا وهم مَن يكونُ حاصلًا على دكتوراة، ويُعيَّن على وظيفةِ postdoctoral.

فالعائدون من البعثة ممن ليسوا على ملاك أي جامعة، العديد منهم قد ابتعث إلى تخصصات دقيقة مهمة وتخدم الوطن -شباباً وشابات- لكن للأسف عند عودتهم لا يجدون وظائفَ لهم في الجامعات، وحبذا تغتنم الجامعات الجديدة جاهزية مثل هؤلاء العائدين من البعثة، وتتبنى توظيفهم فهم قدرات علمية وبحثية حديثة، وقريبو عهد بالأبحاث.

إنَّ موضوعَ احتكاكِ الباحثِينَ المتميِّزينَ في الجامعاتِ بالجددِ من البعثةِ أمرٌ وطنيٌّ وضروريٌّ يحتاجُ من الجامعاتِ معالجته إداريًّا وبحثيًّا وعلميًّا لتتمكَّن الجامعاتُ أنْ تبنِي حلقاتِها التَّتابعيَّة وتستمرَّ في عطائِها؛ لأنَّ طبيعةَ العلمِ والبحثِ العلميِّ الاستمرارُ والاستمدادُ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store