Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

التراث.. وقفزة في الجذب الحضاري

A A
السعوديَّة، حضارةٌ تمتدُّ جذورها إلى زمنٍ بعيدٍ، فهي منبعُ الإسلامِ وانتشارُه لهدايةِ العالم، وجزءٌ مهمٌّ وأساسٌ من العالمين العربيِّ والإسلاميِّ. وفي ربوعها أرسلَ الله -عزَّ وجلَّ- عددًا من الأنبياءِ في مناطقَ معروفةٍ فيها. وتتوفَّر في السعوديَّة آثارُ هذه الحضاراتِ، وأماكن بعثِ الأنبياءِ، وأُمنَا حواء، ممَّا يجعلها نقطةَ حطِّ ترحالٍ للسَّائحِ، الباحثِ عن التاريخِ والآثارِ في العالمِ. كما نجدُ أنَّ الدولةَ وخلال العقدَينِ الماضيين، وفي ضوءِ رؤيةِ ٢٠٣٠ ركَّزت بصورةٍ كبيرةٍ على إعادةِ الاهتمامِ بالتراثِ والآثارِ في مختلفِ مناطقِ بلادِنا الحبيبةِ، وتبعَ ذلك إنفاقٌ حقيقيٌّ لإعادةِ التركيزِ على هذهِ المناطقِ، مثل العُلا، والمدينة المنوَّرة، وجدَّة، والرياض، ومنطقةِ عسير. والملاحظُ أنَّ هناك خطَّةً واضحةً ومدروسةً لإعادةِ المناطقِ لثوبها الأصليِّ، حتَّى يستطيعَ السَّائحُ الاستمتاعَ بها، مع إتاحةِ الفرصةِ له للسَّكن في نفس المنطقةِ والمكانِ، في أوتيلٍ أو منتجعٍ تراثيٍّ. والملاحظ من السيَّاح في مدينةِ جدَّة والزوَّار للحرمين في موسم العُمرة والحجِّ، انبهارَهم وتمتعَهم بالتوجُّهِ الجديدِ، الذي لم يكنْ معروفًا أو مركَّزًا عليه في السَّابق. ولا يزالُ أمامنا شوطٌ كبيرٌ لنقطعَه، لما تمتلكُه السعوديَّة من قدراتٍ تراثيَّةٍ لم نكنْ نُركِّز عليها في الماضِي، فتركناهَا للنسيانِ، والآنَ تعطِي تلكَ القدرات الفرصةَ لتنميةِ الاقتصادِ السعوديِّ والاستفادة من إمكانياتِهِ المتاحةِ. فالتراثُ الحاليُّ والآثارُ الموجودةُ في السعوديَّةِ، وطبيعتهَا الجذَّابةِ، لا شكَّ أنَّها ستكونُ عاملَ جذبٍ للسائحِ والزائرِ، والمعتمرِ والحاجِّ. وقد أدركت السعودية ببصيرةِ القائمين عليها أهمية وقيمةَ الإرثِ من الآثار والسياحة، وأن الاستثمار فيه سينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي من عوائد وتوظيف. لذلك سخرت الدولة خلال العقد الحالي الموارد المالية لتوفر تجربة استمتاع واستفادة للسائح والزائر للسعودية، وأصبحت النظرة أوسع من توجه الاستفادة من التصدير أو التجارة فقط، لتصبحَ توجها نحو الاستمتاع الفكري، والاستجمام فيه. وتتطوَّر قدرات السعودية من مصدِّر للنفط ومهوى للرَّاغبين في الحجِّ أو العُمرة، لتصبح وجهةً سياحيَّة لمن يرغب في الاستجمام، والتعرُّف على تاريخ الجزيرة العربيَّة، وبالتَّالي التعرُّف على الثقافة والبيئة والعادات والتقاليد فيها. والملاحظ، ومن خلالِ زيارة جدَّة التاريخيَّة، ارتفاعُ عدد الزوَّار والسيَّاح من مختلفِ دولِ العالمِ؛ لمعرفةِ جدَّة وما فيها من تراثٍ، والإعجاب بالمشروعاتِ التطويريَّةِ للحفاظِ عليها.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store