Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رمضان.. أهلًا

No Image

A A
سرنَا كثيرًا في الهجيرِ، وآنَ الأوانُ لنستفيءَ.. وتُهْنا في الطُّرقاتِ، وكانَ طريقنَا خطيرًا جدًّا، وحانَ وقتُ أنْ نفيءَ.. وقضينَا في الظلماتِ من الوقتِ الكثيرَ، وجئنَا حتَّى نستضيءَ.. ضِعنَا في المسيرِ، والآنَ حقٌّ أنْ نجيءَ.. وأظلمتْ فينَا الدروبُ، من حقِّنا أنْ نستضيءَ.. وحُرِمنَا من حياةٍ، لما لهَا صِرنا نُسيءُ.. والآنَ جاءتْ فرصةٌ، حتَّى نعودَ لدربِ حقٍّ، بقلوبنَا نور نضيءُ.. درب بهِ الإيمانُ يحكم، حادَ عنه مَن بالمعاصِي بدا جريء..

رمضانُ حلَّ بخيرهِ، فمن حُرمه فمَا يريدُ.. انهلَّ وزِد من خيرهِ، واطمع وطالبْ بالمزيد.. رمضانُ هلَّ بنورهِ، في حُلِّة من طُهِرهِ، عاد فينَا كي يُعيد.. لنفوسنَا وقلوبنَا ذاكَ الصفاءَ، الذي ساءَ ببصمة الذنبِ العنيد.. حتى يطهرهَا بنَا، فنعود كالطفلِ الوليدِ.. فاللهُ قالَ لعبدهِ، اقربْ، واطلبْ ما تريد.. واللهُ قالَ لعبدهِ، صُمْ وأنتَ المستفيد..

واللهُ قالَ لمذنبٍ، أنَا الغفورُ فلا تُعِيد.. واللهُ قالَ لعاصٍ، امحُ الذنوبَ ولا تزيد.. والله قال لآيبٍ، لستَ عن ظلِّي بعيد.. واللهُ قال لتائبٍ، انسَ الشقاءَ برحمتِي، فأنتَ في شهرِي سعيد.. فالصومُ لي، وأنَا كفيلٌ بالجزاء، من يصمهُ جنى المزيد.. من جودِه حتى الفقير غدا شَبِعًا، من أكلِ لحمٍ أو ثريد.. حتى اليتيم بدا سعيدًا، بعد صومٍ جاءَ عيد.. حتَّى الغريب بأرضه، مثل القريبِ، فالدِّينُ رابطهُ وطيد.. حتَّى المعثَّر في الحياةِ، يرتاحُ فيه بما يصيد..

رمضانُ جاء، كأنَّه ثوبٌ جديد.. يكسُو الهمومَ برونقِ الطهرِ الأكيد.. ويلُّف حولَ الجيدِ دُرًّا، شكلهَا عقدٌ فريد.. هو شهرُ رحمةٍ، من طيبهِ ذابَ طودٌ من جليد.. هو شهرُ زحمةٍ، يجتمعُ في ظِلِّه، أبٌ وجَدٌّ مع حفيد.. هو شهرُ لُحْمة، فالكلُّ فيه له عضيد.. فلا تَفُتْك دروبهُ، من فضلهِ، قَصْرٌ مشيد.. في روضةٍ أو جنةٍ، بانت لذي عقلٍ رشيد.. ريَّانُها باب مُشَرَّع، من صام كانَ بهِ طروب.. إنْ جاء، هام بقربه، بابٌ بدخلتِكم رغوب.. فهو المنادِي، صوته بطوالِ شهرٍ في مسامعكم يجوب.. أقبل إليَّ، أصاحبي، لأزيل هاتيكَ الخطوب.. فاسمعْ صداه، ولَبِّه، فالصوتُ في السمعِ طروب.. فمن سينقل حِمْلَنا، إنْ كان معظمه ذنوب.. ومن سيحمل ذنبنا، فالخيرُ صارَ بأنْ نتوب.. ومن سيحفل غير ربٍّ غافرِ الذنبِ، وقابلٍ للتَّوب، واحسب لأجركَ يا حسوب.. واهنأ بقصركَ بالجنانِ، أعمالكم لكم الرَكَوب.. وهو أجرٌ يستحقُّ لأنْ تخوضَ لأجلهِ مع هوى النَّفس الحروب.. وليكنْ شعارنا مع نفسِنا في شهرِنا.. غالبًا بالله، ستَّار العيوب.. ولتكنْ فيه الغنائمُ، صيدنا من نهر أجرٍ، مهما نهلنا لا نضوب..

رمضان أهلًا..

رمضانُ شهرُ الخيرِ جاء لعامنا غيثًا صبيب.. فهو الدَّواء لكلِّ داء جاءنا شهرٌ حبيب.. سبحان سمَّاع النداءِ يسمعُ من النملِ الدبيب.. فلنْ يخيبَ لنا رجاءً بقربهِ أُنْسُ الكئيب.. فاللهُ يغفرُ ذنبهُ عدَّ الرِّمالِ كمَا الكثيب.. واللهُ يمحُو زلَّة عن صادقِ التوب يُثيب.. واللهُ يدعُو عبدهُ بظِلِّه عيشٌ يطيب.. واللهُ جادَ بِشَهْرِه من صامهُ فهُو الحسيب.. فهو المراحُ لعبدهِ لدعوةٍ منه يجيب.. مَن ليسَ يجرح صومهُ نهاره أُنسٌ وطيب.. فلا يَفُتْك قنوتُه في ليلهِ سحرٌ عجيب.. هو الشفاءُ لمخلصٍ فلا تكنْ مثل الغريب.. فرصة في كلِّ حول لا تدعَها يَا لبيب.. دونه بابُ الجنانِ فكنْ من الجنةِ قريب.

إيمان حماد الحماد

@bentalnoor2005

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store