Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ماذا تفعل إذا شعرت بالوحدة؟!

ماذا تفعل إذا شعرت بالوحدة؟!

بصراحة.. وأشياء أُخْرى

A A
ماذا تفعلُ حينَ تشعرُ بالوحدةِ؟ بوحشةٍ بقلبكَ تفتِّتُ أوردتكَ، تحسُّ معهَا أنَّكَ كورقةٍ يابسةٍ تحرِّكهَا الريحُ، كالخيالِ ذاكَ الذي يضعهُ الفلَّاحُ على زرعهِ؛ كَي يصطادَ بهِ الهوامَ والطيورَ خاصَّةً، كوردةٍ نبتتْ بمعزلٍ عن زميلاتِهَا تحاولُ بالكادِ ثنيَ ورقهَا لمصافحةِ البعيدِ عنهَا ولا فائدة! تصرخُ ولا أحدَ يسمعهَا فتذبلُ حتَّى تشارفَ على الموتِ، كطفلٍ فقدَ أمَّه للتوِّ ويبصرُ مَن حواليهِ يبكُونَ وهو لاهٍ لا يفهمُ غيرَ أنَّه يبحثُ يمنةً ويسرةً فلا يجدُ أنيستهُ فيدمعُ معهُم!

فماذا تفعلُ إذَا وصلتَ لهذهِ المرحلةِ؟

الحلُّ -من وجهةِ نظرِي-: أنْ تصرخَ بداخلِكَ لا تُسْمِعْ أحدًا، تنادِي مناجيًا يا اللهُ كنْ معِي، كمَا قالهَا نبيُّنا الكريمُ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "مَا بالُكَ باثنِين اللهُ ثالثهُمَا"، ادعُ ربًّا رحيمًا يسمعكَ، ملك الملوكِ يا رب فيعطيكَ حتَّى يرضيكَ، اذرفْ الدموعَ تلوَ الدموعِ بينكَ وبينَ خالقِكَ، اجعلْ أنينَكَ عاليًا وقُلْ: يا كريمُ.

ما عدَا ذلكَ انهضْ أمامَ الآخرِينَ، شدَّ مئزرَكَ، ارفعْ رأسَكَ شامخًا كالجبلِ، وقُلْ لهُم: هذَا أنَا احطِّمُ الصَّخرَ بصبرِي، أزرعُ في الجمادِ نبتِي، وكل مَن يقتربُ منِّي يشمُّ عطرِي.. قرآنِي في صدرِي، لسانِي يذكرُ ربِّي، واقرأ كثيرًا، فبالقراءةِ تلتقِي بالحروفِ لترتقِي، احملْ قلمكَ واكتبْ وجعك وارقص كالعصفور فرحا بطيرانك في الغمامَ، حلِّقْ كالصقرِ وانقشْ اسمكَ في الصَّخرِ.. وقُلْ: لَا يَا همِّي ارحلْ بعيدًا عنِّي، اركل الحزنَ جانبًا وادفن الغمَّ، اقبرهُ بيدكَ، اقرأ عليهِ تعويذةَ الوداعِ، واهنأ بوحدتِكَ بلا ملامٍ والسَّلام..

وأخيرًا...

مثلُ بدايةِ النهايةِ!

فلكلِّ نهايةٍ هناكَ أملٌ بالبدايةِ..

كلَّما أغلقتَ كتابًا، تصفَّح كتابًا آخرَ..

حينَ تصلُ -والعياذِ باللهِ- إلى اليأسِ، فاعرفْ أنَّكَ وصلتَ مرحلةَ القنوطِ، وهذا مخالفٌ لشرعِ اللهِ سبحانه، لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ سبحَانَهُ..

في آخرِ النفقِ هناك شمعةٌ تضيءٌ، فخذهَا وسِر بهَا من الظَّلامِ إلى النُّورِ -بإذنِ اللهِ-.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store