Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
صالح عبدالله المسلّم

«العاصوف».. أم «المعازيب»؟!

A A
تلعبُ «الدرامَا» وتؤدِّي دورًا قويًّا و«فعَّالًا» في هذهِ المرحلةِ على وجهِ التحديدِ، ولهَا حصتهَا الكُبْرى في «القوَّةِ الناعمةِ» ومتطلَّباتِ المرحلةِ، كونهَا تؤدِّي رسائلَ لا تستطيعُ القُوى والوسائلُ الأُخْرى تأديتهَا، كونهَا تسكنُ البيوتَ والعقولَ، وتؤثِّر بالقلوبِ، ومن خلالِ الدراما استطاعتْ دولٌ عدَّة أنْ تُجنِّد الآخرَين ليكونُوا رُسلًا لهَا وسفراءَ لصناعةِ السياحةِ، وزيادةِ الدخلِ والحِراكِ الاقتصاديِّ، ومن خلالِ الدرامَا استطاعتْ بعضُ الدولِ من تحسينِ صورتهَا أمامَ الشعوبِ الأُخْرى، وكيفَ أنَّها شرطيُّ العالمِ ومُنقذُ البشريَّةِ (أمريكا كمثالٍ)، واستطاعتْ بعضُ البلدانِ أنْ تكونَ بلدَ الحبِّ والجمالِ والقصصِ الخياليَّةِ الرومانسيَّةِ (تركيا كمثالٍ)، والتي استطاعتْ من خلالِ المسلسلاتِ والدرامَا -رغمَ طولهَا- إلَّا أنْ تبعثَ برسائلَ إلى العالمِ عن السياحةِ في مدنِ وقرى ومنتجعاتِ تركيا، وأصبحنَا نعرفُ الشيءَ الكثيرَ عنهَا، ونجحتْ في «جلبِ السائحِ»، وزادتْ بالتَّالي من دخلِ المواطنِ التركيِّ، وبقيتْ فنادقهَا ومطاعمهَا مليئةً بالروَّادِ، وانعكستْ على الحِراكِ الاقتصاديِّ بشكلٍ عامٍّ.

ومن خلالِ «الدراما» استطاعتْ بعضُ الدولِ أنْ تبرزَ كقيمةٍ فنيةٍ عاليةٍ ومدرسةٍ للإبداعِ والإخراجِ والموسيقَى، وأنْ تكونَ بيتَ الفنِّ، والحبكةِ، والقصصِ الواقعيَّةِ والخياليَّةِ (مصر كمثالٍ)، حيثُ يُعتبر الفنُّ المصريُّ أبَا الفنونِ العربيَّةِ، ومصدرَ الإلهامِ للعديدِ من الدولِ، ومن خلالِ «الدراما المصريَّة» تعرَّفنَا على ثقافةِ الشعبِ المصريِّ، والحضارةِ الفرعونيَّةِ، وتعايشنَا مع النكتةِ الخفيفةِ، ومن السردِ وتحويلِ الرِّواياتِ العربيَّةِ والمترجمةِ إلى مسلسلاتٍ وأفلامٍ.

الدرامَا الخليجيُّة نجحتْ فيهَا «الكويت» بامتيازٍ، ونشرت الفنَّ الدراميَّ كمسلسلاتٍ بقيت في أذهانِنَا إلى يومنَا (درب الزلق كمثالٍ)، ولا زالتْ الدرامَا الكويتيةُ تتصدَّر المشهدَ، ولها وقعُهَا في الشارعِ الخليجيِّ بصفةٍ خاصَّةٍ.

«الدراما السعوديَّة» أنتجتْ بعضَ المسلسلاتِ، أهمهَا وأشهرهَا «طاش ما طاش»، رغمَ كونهِ موجَّهًا إلى الداخلِ، ويعالجُ بعضَ السلبياتِ، وينتقدُ بعضَ التصرُّفاتِ التي تهمُّ الشَّارعَ السعوديَّ فقط.. إلَّا أنَّه وجدَ أصداءً عربيَّةً خليجيَّةً واسعةً.

والآنَ بعدَ أنْ شاهدنَا (العاصوف)، نتابعُ ونشاهدُ (خيوط المعازيب)، درامَا تحملُ «الإرثَ السعوديَّ»، ورسائلَ إلى «النشءِ»، وإلى الجيلِ الحالي، كيفَ كانَ أجدادنَا، وكيفَ كانتْ قيمنَا وحياتنَا، وتبعثُ برسائلَ إلى العالمِ أجمع، كيفَ كانتْ حياتنَا وتراثنَا وأصالتنَا وقيمنَا.

الدراما قوة ناعمة -إنْ استخدمت بشكل احترافي- وتولى أمرها متخصصون في «صناعة المحتوى»، وعلى دراية كاملة في «الرسائل» و«الأهداف» التي يراد إيصالها، والطريقة التي يجب أنْ توصل به هذه الرسائل.

نحنُ نملكُ المقوِّمات، ونحتاجُ إلى «وقفةٍ قويًّةٍ» وحسٍّ وطنيٍّ من الجهاتِ المعنيةِ، ليكونَ لدينَا (صناعة محتوى) يليقُ بنا، وبمكانتِنَا وقيمِنَا، وليستْ مُجرَّد مُسلسلاتٍ أو اسكتشاتٍ، الهدفُ منها «الربحُ الماديُّ»، والظهورُ في رمضانَ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store