Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

الدعاية (السلبية).!

صدى الميدان

A A
في ظلِّ هجمةِ قنواتِ السوشيال ميديا، ومَا أحدثتهُ من سرعةِ (الانتشارِ)، فإنَّ التساؤلَ الذِي يجبُ أنْ يطرحهُ كلُّ مستخدمٍ لتلكَ (القنواتِ) هُو: أينَ أقفُ؟ وما هُو دورِي؟ وتجاهَ ما يردُّني، وما تقعُ عليهِ عينِي من أخبارٍ، ومشاهدَ الغالبُ عليهَا (طغيانُ) غثِّها على سمينِهَا، ما هي حدودُ (مسؤوليَّتي)؟ تساؤلاتٌ يحتاجُ إليهَا كلُّ فردٍ في زمنٍ أصبحَ كلٌّ منَّا أسيرَ عالمِه (الافتراضيِّ)، ذلكَ العالمُ، الذي يأتِي إليكَ على كلِّ حالٍ، بلْ و(يجنِّدك) في خدمتهِ علمتَ ذلكَ أمْ لمْ تعلمْ، فأنتَ (موظَّف) إلَّا أنَّكَ تتحمَّل مصاريفكَ، وأحيانًا (تدفعُ) برضاكَ واختياركَ، لتقدِّم خدماتكَ، وأقصَى ما يمكنُ أنْ تحصلَ عليهِ خمسُ (نجومٍ) لاحظْ 5 نجومٍ ليسَ أكثرَ! فأنتَ عندمَا (تشاركُ) مقطعًا، أو تُعيدُ تغريدةً، أو تفضِّلها أو تشاركُ بتعليقٍ فأنتَ هنَا تقدِّمُ خدماتٍ (مجانيَّةً) المستفيدُ من كلِّ ذلكَ مَن نشرتَ لهُ، هلْ اتَّضحت صورةُ أنَّكَ موظَّفٌ من دونِ وظيفةٍ، إذَا لمْ تتَّضح الصورةُ أُقرِّبها لكَ بمَا يقدِّمه كلٌّ منَّا من تعليقاتٍ، وتقييماتٍ للأماكنِ التي نقومُ بزيارتِها، وكيفَ أنَّها تخدمُ القائمِين على تلكَ التطبيقاتِ، الذِين يحصلُون على مَا يريدُون (مجانًا)، ولَكُم تخيُّل كمْ سيكلِّفهم ذلكَ فيمَا لو أسندُوا القيامَ بذلكَ إلى (موظَّفِين) براتبٍ؟

وفي السياقِ ذاتهِ كمْ من (مجهولٍ) صعدَ إلى (الترندِ) في لحظاتٍ، بلْ وأصبحَ مشهورًا، ومَا ذلكَ إلَّا لمَا وجدَهُ من (دعمِ) النشرِ لمَا يقومُ بهِ، وهُو دعمٌ إمَّا أنْ يكونَ معجبًا بهِ، أو محذِّرًا منهُ، وفي الحالتَين هو المستفيد، وهو (المشهورُ) القادمُ الذي صنعتهُ أنتَ، ومع ذلكَ هُو لا (يدرِي) عنكَ.

وفي المقابلِ فإنَّ الطرفَ الآخرَ يبحثُ عمَّا يخدمُ (توجهاتِهِ)، ويسهمُ في رفعِ (أسهمِهِ) حتَّى، وإنْ كانَ يعلمُ أنَّ مَا يقدِّمهُ ليسَ أكثرَ من (تهريجٍ)، أو قُل منزوع (القيمةِ)، ولكنَّه الطريقُ إلى حيثُ الشهرة، والمال والنقلة الماديَّة والمعنويَّة في حياتهِ، وفي هذَا أقدِّم لكَ -عزيزِي القارئ- هذهِ القصَّةَ، التِي أثقُ أنَّكَ ستخرجُ منهَا بمَا أودُّ إيصالهُ إليكَ في هذَا المقالِ، وبمَا يؤكِّد أنَّك مسؤولٌ، وأنَّ الموضوعَ أكبرُ من مجرَّد مقطعٍ ترسلهُ، أو رتويت، أو تعليقٍ تقومُ بهِ.

فهذَا مشهورٌ (حقيقيٌّ) يتواصلُ معهُ طرفٌ آخرُ، لينشرَ له، المشهورُ الحقيقيُّ يرفضُ؛ لأنَّ المحتوَى لا يليقُ، فجاءَ الردُّ (الصاعقةُ) من الطرفِ الآخرِ قائلًا: نحنُ لا نريدُ أنْ تشاركَ بالثناءِ، ولكنْ أكتُب تحذيرًا، وارفِق رابطَ العملِ! فهلْ وصلتْ الرسالةُ؟ ومثلهُ مَن يبحثُ عن (الترندِ)، وعددِ المشاهداتِ حتَّى، وإنْ كانَ الطريقُ إلى ذلكَ أنْ يُردَّ عليه بكلِّ ما يسوؤه، محقِّقًا بذلكَ هدفهُ، فلو تمَّ (تجاهلهُ) لمَا عُرف مَن هُو!

لنصلَ إلى حقيقةِ وجوبِ الحذرِ من أنْ تكونَ ترسًا في آلةِ الدعايةِ (السلبيَّةِ)، وهنَا أعنِي مَن يقومُ بذلكَ بدافعٍ (وجيهٍ)، ومقنعٍ دونَ أنْ يهتمَّ بحقيقةِ أنَّ الطرفَ الآخرَ يبحثُ منكَ عن ذلكَ لحاجةٍ في نفسهِ، ووسيلتهُ (الفاعلةُ) التي تحقِّق لهُ الوصولَ السريعَ، كلُّ ما يجدهُ من دعمٍ: (الدعايةُ السلبيَّة) حتَّى وإنْ كانَ دافعَ مَن يقومُ بهَا حسنَ النيَّة.. وعلمي وسلامتكم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store