Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

هل لديك هواية حقيقية؟

A A
معظم التعريفات التي وجدتها لكلمة «هواية» في المعاجم الإنجليزية؛ تشير إلى أنها: «نشاط يقوم به الشخص بشكلٍ منتظم في وقت فراغه، بقصد التسلية والاستمتاع». ولا تختلف التعريفات العربية كثيراً عن ذلك باستثناء ذكرها بأن الهواية ينبغي أن تكون بقصد المتعة، وليس لنيل مقابل مادي، وأن تؤدي إلى اكتساب الشخص مهارات ومعرفة كبيرة.

وبالنظر لهذه التعاريف جميعها، هل يمكننا القول مثلاً بأن النوم هواية، أو أن قضاء ساعات طويلة يومياً على شبكات التواصل أو لعب «البلوت» هواية؟.. سبب اختياري لهذه الأمثلة تحديداً هو انتشارها المتزايد، وإصرار الكثيرين على اعتبارها هوايات كأي هوايات أخرى. صحيح أن هذه الممارسات تتفق مع التعاريف السابقة كونها تمارس في وقت الفراغ بقصد الاستمتاع والاسترخاء والتسلية، إلا أنها في رأيي -بالشكل الذي تمارس به لدينا- لا تعتبر نشاطاً ايجابياً يؤدي لاكتساب الشخص فائدة وإضافة بدنية أو ذهنية، وبالتالي فإنها لا تعتبر هوايات حقيقية، أو بحد أقصى هي هوايات أقرب للسلبية منها للإيجابية. علماً بأني لا أعرف كيف يمكن اعتبار الجلوس على الأرض لساعات طويلة يومياً للعب الورق هواية، فهو لا يضيف للشخص أي فائدة، بل على العكس من ذلك تماماً، حيث أثبتت الدراسات ضرر الجلوس المتواصل لساعاتٍ طويلة على العظام والعضلات، وتسببه في زيادة الاحتمال بالإصابة بأمراض القلب والسكري والبدانة. بالتأكيد هو وسيلة للتسلية، غير أنها تسلية ضارة كالتدخين تماماً.

نفس الشيء يمكن قوله بالنسبة للنوم أو قضاء ساعات طويلة على شبكات التواصل الاجتماعي، فهذه في رأيي لا يمكن اعتبارها هوايات لنفس الأسباب السابقة، ولثبوت أضرارها الصحية.

أنا بالتأكيد لست ضد كل تلك الأمور، طالما أنها تمارس لفترات زمنية معقولة، وعلى أن يصاحبها ممارسة الشخص لهوايات حقيقية مفيدة، كالرياضة والرسم والتصوير والقراءة وتنسيق الحدائق، وغيرها من الهوايات الأخرى التي تجلب السعادة للنفس، والفائدة للبدن والذهن.

اللافت أني عندما سألت العديد من الأشخاص عن هواياتهم؛ كانت ردة فعلهم هي الصمت لوهلة قبل الرد، وكأن السؤال جاء مفاجئاً لهم، حيث كان رد أغلبهم: «ليس لدينا أي هوايات»! وأنا لا أجد تفسيراً لذلك، لثقتي أن وقت الفراغ موجود، وأن كثيراً جداً من الهوايات لا تتطلب أي تكلفة مادية، أو أنها تكلف القليل المقدور عليه، ناهيك عن شيوع التذمر المستمر من الملل.

هل من الضروري إذاً أن يكون لكل منَّا هواية «حقيقية»؟ لا شك في ذلك، خاصة أن معظم تلك الهوايات ثبتت فوائدها الكبيرة، وتركنا لها وخلودنا للكسل وقلة الحركة؛ هو سبب رئيس للأمراض المختلفة، وقد أعلنت -بهذا الصدد- الهيئة العامة للإحصاء مؤخراً على موقعها الرسمي تقريراً يفيد بأن نسبة انتشار السمنة بين سكان المملكة البالغين بلغت 24%.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store