Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

كل عام وأنتم الخير

A A
‏وانقضَى شهرُ رمضانَ الكريمُ ‏في لمحةِ بصرٍ.. ومجرَّد برهةٍ من الزَّمنِ ركضتْ فيه الأيامُ سراعًا.. ‏ومضتْ ساعاتُ الانغماسِ في السعادةِ الروحيَّةِ.. ‏وهكذَا ‏هِي لحظاتُ الاستمتاعِ لا نشعرُ فيهَا بالزَّمنِ..‏ ومعَ ذلكَ لنْ نقولَ: تبكينَا ساعاتُ الفراقِ؛ لأنَّ رمضانَ هُو مدرسةٌ محدودةُ الزَّمانِ، نتعلَّمُ ونتدرَّبُ فيها على قيمٍ وممارساتٍ، لتكونَ لنَا منهاجَ حياةٍ طوالَ العامِ.. ‏نتلذَّذُ ‏بالقربِ من اللهِ ‏في صيامِ ستٍ من شوال، ‏والأيَّام البيضِ، والاثنين والخميس.. ‏بلْ نتدرَّب على قيامِ الليلِ ولو بركعاتٍ معدوداتٍ.

‏وأمَّا سعادةُ ولذَّةُ العطاءِ فلا تنتهِي بإفطارِ الصائمِين، ‏فهناكَ زكاةُ الفطرِ ‏وإطعامُ الفقراءِ والمساكِين لنثرِ السعادةِ، والشعورِ بالوحدةِ الإنسانيَّةِ والتكافلِ في عيدِ الفطرِ المباركِ؛ الذِي هُو نفحةٌ ربانيَّةٌ في هذَا الدِّين العظيمِ، لاستشعارِ الفوزِ بعدَ الانتصارِ على الشهواتِ، وهناكَ الكثيرُون من أصحابِ القلوبِ الكبيرةِ الذِين فتحُوا بيوتَهم واستقبلُوا الأهلَ والأصدقاءَ، وقدَّمُوا مَا لذَّ وطابَ لإدخالِ السرورِ والسعادةِ على الجميعِ، وللتواصلِ وصلةِ الرحمِ؛ لأنَّ العيدَ فرصةٌ للتسامحِ والتَّسامِي على الهفواتِ والخصوماتِ.

‏كمَا ظهرتْ مبادراتٌ تؤكِّد على أهميَّةِ إظهارِ قِيَمِ الفرحِ والسعادةِ للجميعِ، وعلى مستوَى الوطنِ الغالِي، ومنهَا أعمالُ الجمعيَّاتِ الخيريَّةِ ‏والفرقِ التطوعيَّةِ، ليكونَ القطاعُ الثالثُ داعمًا ومؤازرًا للقطاعَين العامِّ والخاصِّ، وحسب رؤيةِ 2030م؛ ومنهَا على سبيلِ المثالِ مبادرةُ (‏عيدنَا معاكُم) ‏في جدَّة، وهِي من بابِ المسؤوليَّةِ الاجتماعيَّةِ لنشرِ السعادةِ، والتأكيدِ على جودةِ الحياةِ من خلالِ توزيعِ الهدايَا على العاملِينَ في العيدِ، وفي مقرِّ عملِهم من رجالِ الأمنِ، وفي المستشفياتِ، والمراكزِ التجاريَّةِ، ودورِ الرعايةِ الاجتماعيَّةِ.. ويعملُ على هذهِ المبادراتِ متطوِّعُون ومتطوِّعاتٌ ‏نذرُوا أنفسَهم لخدمةِ المجتمعِ، يدعمُهم في ذلكَ رجالُ أعمالٍ آمنُوا بقيمةِ العطاءِ، وأنَّ اللهَ لَا يُضِيعَ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا، ‏ومنهُم رئيسُ جمعيَّة (عيون جدَّة)، ‏المهندس أنس صالح صرفي، ‏وهناكَ جمعيَّةُ زمزم، التِي تخدمُ القطاعَ الصحيَّ وتنشرُ البهجةَ في نفوسِ بعضِ الفئاتِ من المرضَى من المقيمِين.. ‏وهناكَ مبادرةُ (‏صنَّاع الجمالِ)، ‏لمعايدةِ ‏رجالِ النظافةِ بمكَّة المكرَّمة، وعملِ إفطارِ جماعيٍّ، وحفلٍ جميلٍ بمساعدةِ ‏فريقِ (معًا التطوعيِّ)، ‏حيثُ تمَّ استقبالُهم بالورودِ وتوزيعِ الهدايَا لكسرِ حاجزِ الغربةِ لديهم، وإشعارهِم بأنَّهم أعضاءُ نافعِين في المجتمعِ.

‏ناهيكَ عن بعضِ الجمعيَّاتِ الخيريَّةِ المتخصصةِ في دعمِ الأسرِ المحتاجةِ، والأيتامِ، والأراملِ، مثل جمعيَّةِ أُمِّ القُرى الخيريَّة، وتوزيعِ كسوةِ وإفطارِ العيدِ، ‏وهِي تعملُ على ذلكَ منذُ سنواتٍ في هذَا البلدِ المعطاءِ، وبدعمِ من القيادةِ الحكيمةِ.

‏بلْ هناكَ المنصَّاتُ الوطنيَّةُ الإلكترونيَّةُ، مثل: منصَّةِ (تبرُّع)، التي استحدثتهَا وزارةُ المواردِ البشريَّةِ والتنميةِ الاجتماعيَّةِ لتنظيمِ العملِ الخيريِّ، من خلالِ عمليَّاتِ تبرُّع موثوقةٍ.. ‏وهناكَ منصَّة (إحسان)، التي تشرفُ عليهَا جهاتٌ متنوِّعةٌ، وهُم شركاءُ مع وزارةِ المواردِ البشريَّةِ والتنميةِ الاجتماعيَّةِ، وبعضِ البنوكِ السعوديَّةِ مثل: سدايَا، ‏ووزارةِ الماليَّةِ، ووزارةِ الصحَّةِ، ووزارةِ الشؤونِ القرويَّةِ والبلديَّةِ، من بابِ الإحسانِ للفقراءِ.. وتقديمِ كلِّ ما يحتاجونهُ، وخاصَّةً في عيدِ الفطرِ المباركِ، ‏ممَّا يدعمُ تيسيرَ العطاءِ وتوفيرَ فرصِ الخيرِ بما يعظم الأثر داخلَ المجتمعِ، وينشرُ السعادةَ، ويحقِّقُ جودةَ الحياةِ في مختلفِ المجالاتِ.

‏لم تكتفِ المملكة في جهودها في العطاء الداخلي، بل امتد إلى العطاء الخارجي، فهناك (‏منصة ساهم)، ‏وما أقامته من جهود لدعم ‏وإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة، من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية؛ إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد الأمين.. فضلاً عن توزيع المساعدات والسلال الغذائية لبقاع شتى، ومنها أوكرانيَا.. ‏وبنغلاديش، وسوريا، واليمن، وجمهوريَّة الجبلِ الأسودِ، ونيجيريا.. وغيرها، وتقديم مساعداتٍ لغزَّة خاصَّةً في عيدِ الفطرِ تجاوزتْ خمسةَ ملايين دولارٍ.. للتخفيفِ من آلامِهم، وسدِّ شيءٍ من الاحتياجاتِ الأساسيَّةِ لهم.

فالحمدُ للهِ على نعمةِ الإسلامِ، الذِي جعلَ فِي كلِّ سنبلةٍ عطاءَ مئةِ حبَّة.. ‏واللهُ يضاعفُ لمَن يشاءُ، وإنَّ خيرَ النَّاسِ أَنفَعَهُم للنَّاسِ، وأنَّ مَنْ يَعمَلَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ‏خَيْرًا يَرَهْ..‏ حتمًا هذِه القيمُ توفِّرُ الأمنَ والأمانَ للفردِ، بلْ تحقِّقُ الكرامةَ الإنسانيَّةَ والتكافلَ الاجتماعيَّ الذي يحقِّق السعادةَ المجتمعيَّة؛ وكمْ هُو جميلٌ أنْ نزرعَهَا حتَّى في نفوسِ أبنائِنَا الصغارِ، وتعويدهُم على التبرُّع والتصدُّق من عيدياتِهم، ليمارسُوا قيمَ الخيرِ.. وكلُّ عامٍ وأنْتُم الخيرُ لمجتمعِكم وأمتكِم، فلذَّةُ العطاءِ سعادةٌ لا يدركُها إلَّا مَن عايشَ حقيقتهَا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store