Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

التعليم والمعايدة السنوية

A A
كلُّ التوجيهاتِ والدراساتِ الحديثةِ والتطبيقاتِ التربويَّةِ تدعُو إلى تفعيلِ الأجواءِ الاجتماعيَّةِ في المجتمعِ خاصَّةً في المدارسِ والجامعاتِ، بل إنَّ أحدَ أهمِّ مهامِّ الجامعاتِ والتِي تدخلُ في التقييمِ لمنحِ الترقيةِ لأعضاءِ هيئةِ التدريسِ هُو المشاركةُ المجتمعيَّةُ لهم، كمَا أنَّ أحدَ أهدافِ رؤيةِ 2030 الوصولُ بالمجتمعِ إلى أنْ يكونَ مجتمعًا حيويًّا من خلالِ تحقيقِ نسبةٍ عاليةٍ من النشاطِ الاجتماعيِّ.

وعندمَا كنَّا ندرسُ في الجامعاتِ الأجنبيَّةِ كانَ هناكَ نشاطٌ للقاءاتِ الاجتماعيَّةِ متنوِّعٌ يستهدفُ التغييرَ والترفيهَ، وأوضحتُ في مقالَين سابقَين أنَّ أكبرَ عاملٍ لزيادةِ العمرِ البيولوجيِّ وفقَ أبحاثٍ بيولوجيَّةٍ حديثةٍ هُو العلاقاتُ الاجتماعيَّةُ، فالجانبُ الاجتماعيُّ من أهمِّ الجوانبِ التِي تُستثمَرُ لجودةِ الحياةِ وتمنحُ البهجةَ والفرحَ، وتجدِّد النشاطَ الحيويَّ، ومن أجلِ ذلكَ شرعَ اللهُ لنَا -أُمَّة الإسلامِ- مناسباتٍ، وشرعَ لنَا علاقاتٍ منهَا عيدُ الفطرِ المباركُ، الذي عشنَا أيَّامَهُ قبلَ أسبوعٍ، وقدْ «حرَّم» اللهُ صيامَ أوَّلِ يومٍ في العيدِ، كمَا أنَّه لَا يُستحبُّ -عندَ معظمِ أهلِ العلمِ- صيامُ يومِهِ الثَّانِي والثَّالثِ، كلُّ ذلكَ من أجلِ أنْ تأخذَ النَّفسُ البشريَّةُ حظَّهَا من التَّغييرِ، ويتحقَّق لهَا جودةُ الحياةِ بالتَّرفيهِ وتشعرُ بالسَّعادةِ والبهجةِ والسرورِ؛ ولأنَّ العيدَ مناسبةٌ سنويَّةٌ ومرَّة واحدة في السَّنةِ فإنَّ الكلَّ يأتِي إلى اللقاءِ، وكلُّه شوقٌ لرؤيةِ الآخرِ خاصَّةً في الجامعاتِ الكبيرةِ؛ لأنَّ تلاقيهم على مستوى الجامعةِ نادرٌ، وغيرُ مباشرٍ، وإنَّما تربطهُم ببعضِهم عن بُعد وسائلُ تقنيةٍ عبرَ البوابةِ الإلكترونيَّةِ، ففرصةُ العيدِ أنْ يحقِّق هذَا الجانبَ الاجتماعيَّ من خلالِ الاستمتاعِ بالبقاءِ لمدَّةٍ لا تقلُّ عن ساعَتَين أو ثلاثٍ، يعايدُ بعضُهم بعضًا، ويجلسُونَ مع بعضِهم، لا أنْ يكونَ اللقاءُ صامتًا، والمجيءُ فقطْ للسَّلامِ العابرِ، فذلكَ يقتلُ البهجةَ في النُّفوسِ.

إن العلاقات العامة في المدارس والجامعات، عليها مهمة صناعة الفرحة في مثل هذا اليوم، ولابد أن يكون لها دور كبير في مثل هذا اللقاء، من خلال عمل برنامج متنوع من التراث الشعبي، وإيجاد رعايات داعمة، وهو غير مكلف ماليا، وميزانيته لا تذكر أبداً؛ لأن انعكاسات وإيجابيات مثل هذا اللقاء على النفوس تشترى بماء الذهب، خاصة أنها ساعات محددة ومرة واحدة في العام، فإدخالُ البهجةِ والفرحةِ والسرورِ ممَّا حثَّ عليهِ دينُنَا، ونادتْ بهِ الدِّراساتُ العلميَّةُ، والتَّعليمُ العامُّ (المدارسُ) والجامعاتُ هي أُولَى الجهاتِ باعتبارِ هذَا اليومِ أحدَ اللقاءاتِ الاجتماعيَّةِ الترفيهيَّةِ المُبهجةِ ذاتِ المردودِ الإيجابيِّ لجودةِ الحياةِ للموظَّفِين والموظَّفاتِ، وللصِّغارِ والصَّغيراتِ، وللشَّبابِ والشَّاباتِ؛ لأنَّ الجميعَ في حاجةٍ للتغييرِ بالمناسباتِ والعطاءاتِ الاجتماعيَّةِ، والعيدُ في النهايةِ هُو فرحةُ القلوبِ، وبهجةُ النُّفوسِ، ومناسبةٌ اجتماعيَّةٌ لصناعةِ مجتمعٍ حيويٍّ، وفقًا لرؤيةِ 2030.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store