Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

المطلق.. فقيه العصر

A A
العالمُ الجليلُ عضو هيئةِ كبارِ العلماءِ معالِي الدكتورِ عبدالله المطلق أحدُ العلماءِ الذين حظوا بالقبولِ الاجتماعيِّ، وممَّن استطاعَ أنْ ينزلَ للنَّاسِ ومتابعيهِ ليتحدَّثَ لهم وللمجتمعِ بلغةٍ سهلةٍ وبسيطةٍ ومفهومةٍ تتناسبُ مع كلِّ المستوياتِ، بينمَا عندَ حضورهِ إلى مجالسِ العلمِ التخصصيَّةِ يخاطبُ مَن يحضرُون بلغةِ العلمِ التخصصيَّةِ فمعظمُ فتاويه لهَا علاقةٌ كبيرةٌ بحاجاتِ النَّاسِ الاقتصاديَّةِ والاجتماعيَّةِ والحياتيَّةِ، ويملك جرأةَ أنْ يبلِّغَ عن ربِّهِ ثمَّ نبيِّهِ بمَا يراهُ في الكتابِ والسنَّةِ ووفقًا لمَا يذكرهُ مختلفُ علماءِ الأمَّةِ من اجتهاداتٍ، وهو بذا فتحَ بابًا للتنويرِ وقبولِ مختلفِ الآراءِ في القضايَا الفقهيَّةِ وبسطهَا للنَّاسِ ممَّا يكونُ فيهَا السعةُ على النَّاسِ وعدم حملِهم على رأيٍّ فقهيٍّ واحدٍ خاصَّةً إذا كانت الفتوى مستمدةً من آراءِ علماءَ كبارٍ من السلفِ الصالحِ أمثال: أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم -رضي الله عنهم أجمعين- أو من علماءَ كبارٍ معاصرِين أمثال: عبدالله بن حميد، وعبدالله البسام، وعلي الطنطاوي، وابن باز، وابن عثيمين، وغيرهم -رحمهم الله تعالى-، فهذا الفهمُ والسعةُ في الفكرِ والاطِّلاعِ منحَ الشيخَ عبدالله المطلق، وأهَّلَه أنْ يكونَ فقيهَ عصرهِ، فالشموليَّةُ وطرحُ تعدُّد الأفكارِ والآراءِ الفقهيَّةِ وتركُ النَّاسِ تختارُ منهَا مَا تشاءُ هو الأمانةُ العلميَّةُ، فمن سوءِ الأدبِ بعدَ هذَا الطرحِ الذي فيهِ سعةُ فكرٍ وفقهُ عصرٍ أنْ يتطاولَ البعضُ على مَن هو قمَّةٌ في الأدبِ وقامةٌ من قاماتِ الوطنِ الفقهيَّةِ أمثال: الشيخ المطلق؛ كونهُ أفتَى بجوازِ إخراجِ زكاةِ الفطرِ نقودًا بناءً على آراءَ فقهيَّةٍ معتبرةٍ.

صحيحٌ ليسَ هناكَ حصانةٌ لأيِّ أحدٍ بعدَ رسولِ اللهِ من ناحيةِ قبولِ رأيِهم من عدمهِ؛ لأنَّ كلًّا يُؤخذُ من كلامِهِ ويُردُّ إلَّا صَاحِبَ هذَا القَبرِ -عليهِ السَّلامُ- لكنَّ ديننَا علَّمنَا أنْ نحترمَ علماءَنَا، وكبارنَا، كما أنَّه لا ينبغِي أنْ يعارضَ أو يناقشَ المتخصِّصين إلَّا متخصِّصُون مثلهم، فكمَا أنَّه لا يقبلُ من جاهلٍ في الطبِّ أنْ يعارضَ طبيبًا متخصصًا عندَ معالجتهِ لمريضٍ وهكذَا بقيَّة التخصصاتِ، ومنها الفقيهُ فلا ينبغِي أنْ يناقشهُ أحدٌ في مسألةٍ فقهيَّةٍ إلَّا فقيهٌ مثلُه أو عالمٌ متخصصٌ مثلهُ؛ لأنَّ مناقشةَ الجاهلِ للعالمِ -غيرَ أنَّها سوءُ أدبٍ- فإنَّها تقودُ إلى الضلالِ كالطبِّ والزراعةِ والهندسةِ تمامًا مَن يناقشُ فيهَا مِن غيرِ أهلهَا، فإنَّ النتيجةَ سلبيَّةٌ، وقد حدثَ أنَّ رسولَ اللهِ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- عندمَا وجَّه في شأنِ زراعةِ النخيلِ فكانت النتيجةُ سلبيَّةً، أمرهم بعدَ ذلكَ بأنَّهم هُم الأعلمُ في أمورِ دنياهُم، فمِن بابِ أولى أمور الدِّين وقضاياهُ الفقهيَّة يجبُ مَن يناقشُ فيهَا يكونُ فقيهًا وملمًّا بهَا.

إن تعدد الآراء بين الفقهاء في المسائل الفقهية أمر صحي؛ لأن ذلك يعني مشاركة عقول متعددة في تحليل النصوص، ومعرفة صحيحها من ضعيفها، وناسخها من منسوخها، وتفسيرها، وتحليل مراميها ومناسباتها ومدلولاتها اللغوية، وبالتالي اعتماد أحكامها واستنتاج منها ما ييسر على الناس أمور حياتهم ما لم تكن تلك الأمور في العقيدة.

التحيَّةُ -كلُّ التحيَّةِ والإجلالِ- لفقيهِ العصرِ الذِي أجمعت النَّاسُ على قبولهِ ومحبتِهِ عالمنَا الفاضلِ معالي الشيخِ عبدالله المطلق الذِي فقه عصرهُ ووسعَ فكرهُ، وزادهُ اللهُ فقهًا وعلمًا، وكثَّر اللهُ من أمثالهِ، وجعلنَا اللهُ وإيَّاهم ممَّن يطلبُ العلمَ لوجههِ الكريمِ، فالعلماءُ ورثةُ الأنبياءِ، وهم محلُّ خشيتهِ (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store