Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

الموارد البشرية.. والوظائف الموسمية

A A
‏تعتبرُ المواردُ البشريَّةُ هي رأس المالِ الأساسِ لنجاحِ أيِّ منظَّمةٍ؛ فهم القيمةُ المضافةُ لأيٍّ منها لمَا يمتلكونهُ من معارفَ، وخبراتٍ، ‏ومهاراتٍ تراكميَّةٍ، ‏تساهمُ في إدارةِ العملِ، وتوظيفِ الطاقاتِ والجهودِ في المجالاتِ التي تحتاجهَا المنظَّمةُ.

‏ولكي تنجحَ المواردُ البشريَّةُ في تحقيقِ أهدافِ المنظَّمةِ، لابُدَّ أنْ تكونَ هناكَ خطَّةٌ إستراتيجيَّةٌ للمنظَّمةِ تُصاغُ من القائمِينَ عليهَا، من الإدارةِ العُليا والوسطَى والدُّنيَا، ‏وتوضعُ فيهَا رؤيتهَا، ورسالتهَا، وأهدافهَا وقيمهَا، والتعرُّف عليهَا من كلِّ موظَّفِي المنظَّمةِ.. ‏وعدم تعريفِ الموظَّفينَ بالخطَّةِ الإستراتيجيَّةِ أو عدم وجودِهَا أصلًا يؤدِّي إلى التخبُّطِ في الأعمالِ، مهمَا كانَ مستوى الموظَّفِ وخبرتهِ الإداريَّةِ؛ ممَّا يُعرِّضهَا للخطرِ في تحقيقِ أهدافِهَا.

‏وتأتِي في مقدِّمةِ حُسنِ إدارةِ المواردِ البشريَّةِ، التخطيطُ، ‏والتنظيمُ؛ الذِي يقومُ بهِ قسمُ المواردِ البشريَّةِ، ووضعِ الموظَّفِ المناسبِ في المكانِ المناسبِ بناءً على سيرتهِ ‏الذاتيَّةِ ومؤهلاتِهِ وخبراتِهِ في المجالِ، والتوفيق ‏بينَ الأفرادِ في الوظائفِ مع تصميمِ أنظمةِ الأجورِ، أو سلَّمٍ للرَّواتبِ، وتكونُ بناءً على نوعِ الوظيفةِ، والدرجةِ، والمجهودِ والوقتِ، وكذلكَ في حالةِ التعرُّضِ للمخاطرِ أنْ يكونَ هناكَ بدلُ أخطارٍ.

وبعضُ المنظَّماتِ في الوظائفِ الموسميَّةِ لا يكونُ لديهَا نظامٌ لتحديدِ الرَّواتبِ، وربَّما يُفاجأُ الموظَّفُ براتبٍ مختلفٍ عمَّا توقَّعه بعدَ مضيِّ أكثر من ‫نصفِ المدَّةِ المتَّفقِ عليهَا للعملِ.

‏كما أنَّ التوصيفَ الوظيفيَّ مهمٌّ جدًّا، ولابُدَّ من تحديدِ المهامِّ للوظيفةِ، والتي تشملُ عدَّة أنشطةٍ، ‏كما يجبُ تحديدُ توصيفِ المتطلَّباتِ من شاغلِ ‏الوظيفةِ، ووضعُ اسمِ الوظيفةِ ‏وواجباتِهَا، و‏سلطاتِهَا، ومسؤوليَّاتِهَا.. فلابُدَّ من التنبيهِ بالأخطارِ المحيطةِ بالوظيفةِ، والمتطلَّباتِ الذهنيَّةِ والعضليَّةِ، وكلُّ ذلكَ بناءً على معاييرَ للأداءِ من حيثُ قدرتهُ على تحمُّلِ ضغوطِ العملِ، ومسؤوليَّاتهِ، واختصاصاتهِ، وأنْ يوقَّعَ الموظَّفُ على تلكَ المتطلَّباتِ.

وبدونَ توصيفِ المهامِّ يصبحُ العملُ ارتجاليًّا وعشوائيًّا، ‏كمَا يجبُ ألَّا يُكتَفَى بتوصيفِ المهامِّ.. بلْ لابُدَّ من المتابعةِ والرقابةِ من الإدارةِ الوسطَى، وهِي التِي تشرفُ على أداءِ الموظَّفِينَ والعاملِينَ، واكتشافِ مكامنِ القوَّةِ لتعزيزهَا، ومكامنِ الضَّعفِ لتوجيههَا الوجهةَ الصحيحةَ، وتصحيح الأخطاءِ.

وكثيرٌ من المنظَّماتِ تطلبُ من الموظَّفِ كتابةَ المهامِّ اليوميّةِ التي تمَّ تنفيذهَا، وإرسالهَا إلكترونيًّا لضبطِ العملِ، ولكنْ أيضًا لا يكونُ هناكَ أيُّ تغذيةٍ راجعةٍ عن الأداءِ، ومدَى انضباطِ العملِ أو الإخلالِ بهِ!!.

‏‏بلْ حتَّى في نهايةِ الموسمِ تقدِّم شهاداتِ أو خطاباتِ شُكرٍ للمشاركِينَ في الموسمِ، ولكنْ يفترضُ قبلَ الشهاداتِ أنْ يكونَ هناكَ تقييمٌ للأداءِ الوظيفيِّ للموظَّفِ من المديرِ المباشرِ، أو المعاونِ التنفيذيِّ -حسب المسمَّياتِ في الشركاتِ-؛ لأنَّه من خلالِ الأداءِ الوظيفيِّ، وتحديدِ نقاطِ القوَّةِ ونقاطِ الضعفِ يتعرَّف الموظَّفُ على مستواهُ، وكيفَ يطوِّر من ذاتهِ، كمَا تستفيدُ المنظَّمةُ من مدَى ترقيةِ الموظَّفِ ووضعهِ في منصبٍ إداريٍّ أعلَى، أو توجيههُ لوظيفةٍ أُخْرَى.

‏‏‏وهناكَ استماراتٌ أو بطاقاتٌ مقنَّنةٌ لابُدَّ أنْ تُصمَّمَ بناءً على معاييرِ الأداءِ للوظيفةِ؛ لتعينَ الإدارةَ الوسطَى أو المديرَ المباشرَ في تقييمِ أداءِ الموظَّفِ، واستخدام أساليبَ إحصائيَّةً لقياسِ كفاءةِ أداءِ شاغلِي الوظيفةِ.

‏كما لابد أن تقدم المنظمة شهادة خبرة لكل فرد عامل بها موسمياً؛ ‏مما يساعده في إعادة التعاقد معه ‏مرة أخرى في الشركة نفسها، أو التعاقد معَ أي منظمة أخرى.. ومن الظلم الاستغناء عن موظف، أو عدم إعادة التعاقد معه لأخطاء ارتكبها دون إعطائه أي تغذية راجعة عن مستواه، وأدائه خلال مدة العمل.

ويعتبر التدريب للموظفين ‏من أهم مسؤوليات المنظمة لتطوير مهاراتهم أو تحسين أدائهم. وهذا يرفع من مستوى الموظف المهني، ويساعد على ضبط الأداء وتحسين المخرجات أو تحقيق الأهداف.

‏كما أنَّ بيئة العمل تلعب دورًا مهمًّا في نجاح المنظمة، وأنْ تكون الطاقة الاستيعابية للمكان كافية؛ ‏لأنَّ التكدس ينتج عنه فوضى وتوتر يؤثر على حسن أداء الموظف.

وأهمُّ معاييرِ اختيارِ المواردِ البشريَّةِ حسب اختصاصيِّ المواردِ البشريَّةِ الدكتور عدنان الصغير في حقيبتهِ ‏التدريبيَّةِ: «مستوى التعليمِ، ‏الخبرةُ السابقةُ، ‏الصفاتُ البدنيَّةُ والشخصيَّةُ، والحالةُ الصحيَّةُ»، ولم يذكرْ أبدًا (العمرَ)، فبعضُ المنظَّماتِ تضعُ حدٍّا للسنِّ، ‏معَ أنَّه ربَّما شخصٌ يمتلكُ لياقةً جسميَّةً عاليةً، وهُو في الستينِ وما فوق، وآخرُ ‏فِي سنِّ الأربعين يكونُ مترهلًا جسديًّا وعقليًّا.

أخيرًا نقولُ: كمَا أنَّ وجودَ خطَّةٍ إستراتيجيَّةٍ مهمٌّ جدًّا، فإنَّ التقييمَ الداخليَّ للشركةِ من قِبل خبراءَ في الجودةِ لضبطِ الجودةِ في المنظَّمةِ، ولتصحيحِ الأخطاءِ، وسدِّ الثغراتِ أوَّلاً بأوَّلٍ مهمٌّ -أيضًا- لوصولِ الشركةِ للنجاحِ، ونشرِ السُّمعةِ الجيِّدةِ، وكسبِ رضَا العملاءِ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store