Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عجب

قطع الطريق على المتحرِّشين

A A
لا يملكُ أيُّ إنسانٍ محافظٍ وغيورٍ، إلَّا أنْ يشيدَ بالخطوةِ الرَّادعةِ التِي اتَّخذتهَا وزارةُ الداخليَّةِ، والمتمثِّلةِ بإعلانِ أسماءِ المقبوضِ عليهِم بتُهمِ التحرُّشِ، ذلكَ أنَّ الهدفَ الأوَّلَ من سَنِّ نظامِ مكافحةِ جريمةِ التحرُّشِ، هُو الحيلولةُ دونَ وقوعهَا، ثمَّ تطبيقُ العقوبةِ على مرتكبِيهَا، وحمايةِ المجنِي عليهِ، وصيانةِ عِرضهِ وكرامتِهِ، عطفًا علَى أنَّ تنازلَ المجنِي عليهِ، أو عدمَ تقديمِ شكوَى لا يحولُ دونَ حقِّ الجهاتِ المختصَّةِ -نظامًا- في اتِّخاذِ مَا تراهُ محقِّقًا للمصلحةِ العامَّةِ.

إنَّ إعلانَ أسماءِ المقبوضِ عليهِم بتُهمِ التحرُّشِ، يُعدُّ خطوةً مفاجئةً وذكيَّةً؛ لاستغلالِهَا ثغرةً بنظامِ مكافحةِ جريمةِ التحرُّشِ، أكَّدتْ علَى عدمِ جوازِ الإفصاحِ عن هويَّةِ المجنِي عليهِ، إلَّا في الحالاتِ التِي تتطلَّبهَا إجراءاتُ الاستدلالِ والتحقيقِ، لكنَّها لمْ تأتِ علَى ذكرِ الجانِي مطلقًا، ما يعنِي جوازَ الإفصاحِ عنهُ، كونَ (الأصل في الأشياءِ الإباحة).

إنَّ إعلانَ أسماءِ المقبوضِ عليهِم بتُهم التحرُّشِ، يُعدُّ بمثابةِ الهجمةِ المرتَّدةِ السَّريعةِ، على أولئكَ الجناةِ الذِين اعتادُوا ارتكابَ جريمةِ التحرُّشِ الفاضحةِ، وعندَ تقديمِ الضَّحيةِ لقضيَّةٍ، يبادرُونَ بتقديمِ عروضِهم الماديَّةِ السخيَّةِ لتسويتهَا بالطُّرقِ الوديَّةِ، لكنَّهُم اليومَ -بعدَ فضحِ أسمائِهم- أمامَ خيارَين لَا ثالثَ لهمَا، إمَّا إثباتُ البراءةِ وردُّ الاعتبارِ، أو انتظارُ الإدانةِ وتنفيذُ العقوبةِ. إنَّ إعلانَ أسماءِ المقبوضِ عليهِم بتُهمِ التحرُّشِ، سوفَ يحرِّر الخوفَ الذِي يسكنُ قلوبَ الضَّحايَا، والذِي طالمَا قيَّدهُم من رفعِ قضيَّةٍ، علَى اعتبارِ أنَّ المتحرِّشَ لهُ سلطةٌ مباشرةٌ، أو غيرُ مباشرةٍ عليهِم، وغالبًا مَا ينجحُ في احتواءِ المشكلةِ؛ لينتقلَ ذلكَ الخوفُ لقلبِ المديرِ والعائلِ المتحرِّشِ ويردعهُ من تكرارِ فعلتهِ، مخافةَ القبضِ عليهِ، وإعلانِ اسمهِ وفضحهِ قبلَ أنْ يمارسَ ضغوطَهُ!!

إنَّ إعلانَ أسماءِ المقبوضِ عليهِم بتُهمِ التحرُّشِ، هُو بمثابةِ كتابةِ الفصلِ الأخيرِ لصورِ استغلالِ تُهمِ التحرُّشِ الكيديَّةِ والابتزازيَّةِ؛ لأنَّه لا الجانِي ولا الضحيَّة بمجرَّد أنْ تطفُو واقعتُهم على السَّطحِ وتُحرَّك الدَّعوى، يمكنهُ أنْ يسحبَ قضيَّةَ الحقِّ الخاصِّ، وإلَّا سيتحمَّل قيمةَ التكاليفِ القضائيَّةِ ويخسر مالَهُ وسمعتَهُ!!

إنَّ إعلانَ أسماءِ المقبوضِ عليهِم بتُهمِ التحرُّشِ، يُعدًّ مكسبًا وإضافةً للأخلاقِ الكريمةِ، ويجدرُ بالجهةِ المختصَّةِ الحفاظُ على مكتسباتِهِ، وذلكَ بقصرِ الإعلانِ على الحالاتِ التِي يوجدُ عليهَا أدلَّةً أوَّليَّةً دامغةً، معَ الحرصِ بعدَ انتهاءِ القضيةِ علَى نشرِ ملخصِ حُكمِ الإدانةِ؛ لتعزيزِ الثقةِ بخطوتِهَا الاستباقيَّةِ، ومنحِ مَن أُطلق سراحهُ؛ لعدمِ كفايةِ الأدلَّةِ حقَّ نشرِ ملخصِ صكِّ البراءةِ كأقلِّ واجبٍ لردِّ اعتبارِهِ.

إنَّ إعلانَ أسماءِ المقبوضِ عليهِم بتُهمِ التحرُّشِ، يُعدُّ أكبرَ حاجزٍ تم وضعهُ أمامَ المنحرفِينَ الذِين حوَّلوا التحرُّشَ لنزهِةٍ استجماميَّةٍ، وتبقى وضعُ حواجزَ أُخْرَى أمامَ بعضِ النِّساءِ الجريئاتِ اللَّاتي لا يزلنَ يتكسَّبنَ من وراءِ التحرُّشِ الكيديِّ، وذلكَ بإعلانِ أسمائهنَّ عندَ القبضِ عليهنَّ؛ ليكتملَ بذلكَ مشروعُ السِّياجِ العازلِ الهادفِ للحيلولةِ دونَ وقوعِ الأفعالِ المخلَّةِ و(قطعِ الطريقِ على المتحرِّشِينَ)!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store