Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

لصوص (المساجد).!

صدى الميدان

A A
مع إعلانِ وزارةِ الشؤونِ الإسلاميَّةِ والدَّعوةِ والإرشادِ، الذِي كشفتْ فيهِ عن عددٍ من (الاختلاساتِ) على عداداتِ كهرباءِ، ومياهِ (المساجدِ)، استحضرتُ مقولة: «مِنْ مَأمَنِهِ يُؤْتَى الحَذَرُ»، وهلْ هنالكَ آمنُ من (المساجدِ)، بيوتِ اللهِ مَوْطن العبادةِ، والذِّكرِ، والدُّعاءِ، والموعظةِ؟!

إلَّا أنَّ مَن أخرجَ من قلبهِ مخافةَ اللهِ، فلَا يُستغربُ منهُ ألَّا يرعَى حرمةً لمقدَّساتِهِ، وإلَّا فأيُّ إنسانٍ هذَا الذِي يقومُ بهذَا الفعلِ (الشَّنيعِ)، الذِي لا يمكنُ معهُ مخاطبتُهُ بموعظةِ الحلالِ والحرامِ، فمَا قامَ بهِ تأكيدٌ علَى قلبٍ (ميِّتٍ)، ونفسٍ (جشعةٍ)، وعدمِ اكتراثٍ بسوءِ مصيرٍ، وسوءِ عاقبةٍ.

وإنَّني أعجبُ من عدمِ كشفِ ذلكَ مبكرًا، خاصَّةً أنَّ تحميلَ عداداتِ المسجدِ بأيِّ أحمالٍ إضافيَّةٍ ستتحدَّث عن ذلكَ (الفاتورةُ) بلغةِ الأرقامِ، التِي تؤكِّدُ أنَّ كلَّ تلكَ الأحمالِ، وتلكَ المبالغِ لَا يمكنُ أنْ تكونَ (لمسجدٍ)، وهذَا الكشفُ يُحسبُ لوزارةِ الشؤونِ الإسلاميَّةِ، التِي أعلنتْ -بكلِّ وضوحٍ- عن هذَا التَّعدِّي الصارخِ على حُرماتِ بيوتِ اللهِ، واستغلالِ خدماتِهَا، ومرافقِهَا لأغراضٍ دنيويَّةٍ خاصَّةٍ، تنمُّ عن نفوسٍ (مريضةٍ) جشعةٍ، تستحقُّ أنْ تُغلَّظَ في حقِّهَا العقوبةُ.

تلكَ العقوبةُ حتَّى تبلغَ هدفهَا، فالمنتظرُ أنْ تشمل كلَّ مَن لهُ سهمُ دعمٍ في منظومةِ هذَا العملِ (الشَّنيعِ)، فالمدبِّرُ، والمنفِّذُ، والمستفيدُ، والمتستِّرُ، كلُّهم في دائرةِ (الجُرمِ)، بلْ ومَن أقدمَ علَى هذَا الفعلِ فإنَّه إلى مَا سواهُ (أسرعُ)، فلَا يُؤمنُ له جانبٌ، ولا يُرجَى منهُ -في ظلِّ نفسهِ المريضةِ، التِي لم ترعَ حرمةً لبيوتِ اللهِ- أنْ ترعَى لذلكَ أيَّ اعتبارٍ فيمَا عداهُ.

وفي شأنٍ متَّصلٍ، فإنَّ من مكانةِ (المسجدِ) يستقِي كلُّ مَن لهُ دورٌ تكليفًا في شأنِ القيامِ على أداءِ رسالتهِ، إمامَّا كانَ، أو مؤذِّنًا، أو مستخدمًا، بل ومراقبًا، كلُّ أولئكَ يستقُونَ أهميَّةَ دورهِم من تلكَ المكانةِ، وعلى عاتقِهم مسؤوليَّةُ القيامِ بما لهُم من دورٍ، مراعِينَ في ذلكَ أداءَ (الأمانةِ)، ومراقبةَ اللهِ فيمَا يُصرفُ لهُم من (راتبٍ)، أعنِي بذلكَ كلَّ مَن لا يلتزم بأداءِ عملهِ على الوجهِ الذِي يُبرئ ذمَّتهُ أمامَ اللهِ تعالَى، وهُو يسجِّل الغيابَ تلوَ الغيابِ تاركًا (المسجدَ) لمَن يتطوَّع من جماعتهِ ليقومَ بدورهِ، فكيفَ يتَّفقُ ذلكَ ومَا يتلُوه في محرابهِ، وما يردِّدهُ في مواعظِهِ، وخطبهِ علَى منبرهِ من آياتٍ، وأحاديثَ كلهَا تدعُو إلى مراعاةِ الأمانةِ، ومراقبةِ اللهِ في أداءِ العملِ، وينسَى من كلَّ ذلكَ أنْ يعظَ نفسَهُ.

إنَّ ما تقومُ بهِ وزارةُ الشؤونِ الإسلاميَّةِ من جهودٍ في كشفِ أيِّ تجاوزٍ، والإعلانِ بكلِّ شفافيةٍ عن ذلكَ، جديرٌ بالثناءِ، والتقديرِ، والتعاونِ بالإبلاغِ عن ذلكَ، في وقتٍ ليسَ مَا تمَّ الكشفُ عنهُ مؤخَّرًا بالجديدِ، فقدْ سبقَ أنْ تمَّ الإعلانُ عن تجاوزاتٍ مماثلةٍ؛ ممَّا يؤكِّدُ أنَّ (عينَ) الوزارةِ بالمرصادِ، والهدفَ -بإذنِ اللهِ- استئصالُ شأفةِ لصوصِ المساجدِ.. وعِلمِي وسلامتكُم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store