Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
خالد مساعد الزهراني

عودة مادة (الخط)!

صدى الميدان

A A
«الخطُّ الحَسنُ، يزيدُ الحقَّ وضوحًا»، تذكَّرتُ هذهِ العبارةَ، التِي تصفُ مَا يعنيه جمالُ الخطِّ مِن (مكانةٍ)، حيثُ كانَ الاعتمادُ علَى (القلمِ) فِي كلِّ المكاتباتِ، إلَّا أنَّ (هجمةَ) التقنيةِ، وضعتْ تلكَ المكانةَ علَى الرَّفِّ، فِي وقتٍ أصبحتْ لوحةُ المفاتيحِ، وأوامرُ التَّنسيقِ مَن يتولَّى كلَّ مَا يُنشدُ فِي الخطِّ مِن جَمَالٍ. ولهذَا التطوُّرِ التقنيِّ (ضريبتُهُ)، التِي انعكستْ علَى (مسكةِ) القلمِ، الذِي أُحيلَ إجباريًّا للتقاعدِ إلَّا مِن (جيبِ) مَن ما زالَ يحفظُ لهُ عشرتَهُ، ويحنُّ إلَى زمنِ سيادتِهِ، عدَا ذلكَ فإنَّ الأجيالَ التِي وُلدتْ فِي حضنِ هيمنةِ (التقنيةِ) لَا يدركُونَ تلكَ المكانةَ، عدَا صحبةٍ مؤقتةٍ علَى مقاعدِ الدِّراسةِ، وهِي صحبةٌ تكشفُ مدَى مَا وصلَ إليهِ (جَمَالُ) الخطِّ مِن (تراجعٍ).

وهذَا لَا يحتاجُ إلى لجانٍ، أو مزيدِ عناءٍ لكشفِهِ، فكلُّ أبٍ يستطيعُ أنْ يعرفَ ذلكَ، وفِي ثوانٍ معدودةٍ مِن خلالِ كتابةِ أبنائِهِ لأسمائِهِم، أرأيتُم كمْ هُو (المقياسُ) فِي متناولِ الجميعِ، عندهَا سيقفُ ذلكَ الجميعُ علَى حقيقةٍ (صادمةٍ)، وتراجعٍ (شنيعٍ) فِي مهارةِ الخطِّ لَدَى جميعِ الأبناءِ. وهُو ما يعانيهُ الطلبةُ اليومَ، وصولًا إلَى المرحلةِ الجامعيَّةِ، ومَا ذلكَ إلَّا نتيجةً للاعتمادِ علَى (التقنيةِ) في الكتابةِ، والتَّحريرِ، زادَ مِن تلكَ المعاناةِ (غيابُ) الخطِّ كمادةٍ (دراسيَّةٍ) كانتْ -على أقلِّ تقديرٍ- تحفظُ للخطِّ مكانتَهُ، وتجعلهُ -ولو بنسبةٍ- في دائرةِ (الاهتمامِ).

واليومَ أصبحَ مِن الضروريِّ جدًّا، وفِي ظلِّ مَا يعيشهُ (جَمالُ) الخطِّ من تراجعٍ، ومَا يعيشهُ واقعُ الطلَّابِ فِي جانبِ الخطِّ مِن (معاناةٍ)، أنْ تعودَ مادةُ (الخطِّ) كمادةٍ (مستقلَّةٍ) تحظَى بزخمٍ مِن العنايةِ إلى الواجهةِ، حيثُ أكَّدت (الحاجةُ) إلى أنَّ التقنيةَ لَا يمكنُ في كلِّ الأحوالِ أنْ تُغنِي عَن (القلمِ)، ذلكَ القلمُ الذِي عندمَا يُفَاجَأُ بنداءِ (استغاثةٍ) ينهضهُ من سباتِهِ الطَّويلِ إلَّا ويظهرُ (مرتعشًا) خائفًا، والنتيجةُ (خربشاتُ) خطٍّ أصبحَ أقصَى مَا يُرجى معَهُ أنْ (يُقرأَ)؛ فضلًا عَن أنْ يُبحثَ فيهِ عَن مسحةِ جَمَالٍ.

معَ الأخذِ فِي الاعتبارِ، ومِن الأهميَّةِ بمكانٍ، أنَّه لَا أهمَّ مِن قرارِ إعادةِ هذِهِ المادَّةِ كمادَّةٍ دراسيَّةٍ مستقلَّةٍ، إلَّا قرارَ (إسنادهَا) لمعلِّمٍ (متمكِّنٍ) مِن أدواتِ هذَا الفَنِّ العربيِّ الرَّاقِي الأصيلِ، وبحكمِ (الإعدادِ) الأكاديميِّ فإنَّ أقدرَ مَن يمكنُ أنْ (يُثرِي) الميدانَ، وبمَا يمثِّلُ (نقلةً) فِي مستوَى الطُّلابِ هُو معلِّمُ (التربيَّةِ الفنيَّةِ)، أو أيُّ معلِّمٍ (موهوبٍ) خط يتمثَّلُ بجمالِ خطِّهِ هذَا الفخرُ (الحصريُّ) فِي قولِ القائلِ:

كفَى قَلمَ الكتَابِ عزًّا ورفعةً

مدَى الدَّهرِ أَنَّ اللهَ أَقَسَمَ بِالقَلمِ

لنصلَ إلى أنَّ عودةَ مادةِ الخطِّ، وفِي جميعِ مراحلِ التَّعليمِ العامِّ مِن الأهميَّةِ بمكانٍ، فِي وقتٍ أثبتتِ الحاجةُ أنَّ التقنيةَ لَا يمكنُ أنْ (تُغنيَ) عَن القلمِ، وأنَّ القلمَ فِي ظلِّ مَا يعيشهُ من (بياتٍ) لَا يمكنُ أنْ (يُنجدَ) عندمَا تدعُو الحاجةُ إلى أنْ يسيلَ مدادهُ بالخطِّ، وكيفَ لهُ ذلكَ، واليدُ التِي تمسكهُ هجرتَهُ حدَّ الاعتيادِ علَى سلاسةِ لوحةِ المفاتيحِ، وأوامرِ (Shift وEnter) وعلمِي وسلامتكُم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة