Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

إعلام التلميع

لا أعتقد بوجود أمة على ظهر الأرض ، مولعة بإطلاق الألقاب وبابتكار صيغ التفضيل و أسماء التفخيم أكثر منا نحن امة العرب .

A A

لا أعتقد بوجود أمة على ظهر الأرض ، مولعة بإطلاق الألقاب وبابتكار صيغ التفضيل و أسماء التفخيم أكثر منا نحن امة العرب .
الملفت أن وسائل إعلامنا لم تكتف بالمخزون اللغوي الضخم الذي نمتلكه من الأساس في هذا المجال ، ولكنها راحت تعمل على اختراع العديد من المفردات الجديدة التي تتناسب مع نزعتنا في التضخيم والحشو والنفخ .
من ضمن المفردات الجديدة التي اخترعها الإعلام العربي للأغراض السابق ذكرها ، تستوقفني كثيرا مفردة (الناشط) . وهي صفة تطلق على الشخصيات العامة التي يصعب أن ندرج نشاطها ضمن تصنيف أو توصيف واضح الدلالة .
شخصيا لا أعرف معنى لكلمة ( ناشط ) سوى في إطار المفارقة أو المقارنة أو المخالفة مع كلمة ( خامل) . يعني أن الشخص الذي يطلق عليه ناشط حقوقي أو ناشط سياسي أو ناشط اجتماعي يمثل النقيض للشخص الذي يتصف بالخمول السياسي أو الحقوقي أو الاجتماعي ..! ولا أدري حقيقة إن كان ثمة وجود لأشخاص من هذا النوع أم لا ..؟ أقصد طبعا الأشخاص الخاملين سياسيا أوحقوقيا أو اجتماعيا !
من الاختراعات الملفتة للإعلام العربي والديني منه على وجه الخصوص ، كلمة أو وصف اومصطلح ( داعية ) الذي يتم إطلاقه على كل من امتهن الوعظ الديني . في التاريخ الإسلامي كله ليس هناك وجود لهذا التوصيف الخاص برجال الدين . هناك شيخ وفقيه ومتكلم وعالم وواعظ ومحدث ومفسر وغيرها من الألقاب والتسميات والصفات ، اما داعية هذه فلم نسمع أن أحدا أطلقها على أي مشتغل بعلوم الدين أو شئونه .
لماذا إذن يطلقون لقب داعية على واعظي هذا الزمان..؟
حسب رأيي ليس هناك تفسير منطقي لذلك ، سوى أن كلمة داعية تبدو أكثر أناقة وجاذبية ومهابة من كلمة واعظ . مع أن من يسمون أنفسهم بالدعاة هم في الغالب مجموعة من وعاظ الفضائيات الذين أصبحوا نجوما تلفزيونيين يحسب لهم ألف حساب بمقاييس الدولار واليورو والريال والدولار .
متى يخرج إعلامنا العربي من دائرة التلميع والتطبيل والنفخ ؟
anaszahid@hotmail.com

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store