Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

قضايانا الاجتماعية .. كفانا سلبية

عندما تتعاون الوزارات في أهداف وخطط مشتركة تجاه المجتمع يمكنها محاصرة الكثير منها بالعلاج والمناعة بشرط أن تترجم هذا التعاون ببرامج عمل فاعلة وإجراءات تنسيقية لضمان التطبيق.

A A

عندما تتعاون الوزارات في أهداف وخطط مشتركة تجاه المجتمع يمكنها محاصرة الكثير منها بالعلاج والمناعة بشرط أن تترجم هذا التعاون ببرامج عمل فاعلة وإجراءات تنسيقية لضمان التطبيق. وفي غياب التعاون الحقيقي يدفع المجتمع ثمنا فادحا من القضايا والمشكلات التي تتراكم أمام الجهات المختصة بدءا بالشرطة وانتهاء بساحة القضاء مما يثقل كاهل هذه وتلك ثم نبحث عن الخلل ونلقي باللوم في كل اتجاه وننعي العلاقات الاجتماعية والقيم الأخلاقية وما ينتج عن انفصامها من آثار خطيرة خاصة على الأسرة حيث أصبح الطلاق سهلا كشربة ماء وبسرعة الرسائل الاليكترونية.
مؤخرا انعقد ملتقى (دور الخدمة الاجتماعية في محاكم وزارة العدل) وتوقيع مذكرة تفاهم بين وزارتي العدل والشؤون الاجتماعية لتوفير الأخصائيين في المحاكم كمساندين للقضاء بإصلاح ذات البين في النزاعات إلى القضاء ومعظمها شقاق أسري. هذه خطوة موفقة إن كان تنظيم الملتقى أو مذكرة التعاون، وكنت أتمنى لو أن الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام المحلية التقطت الخيط ووضعت خطة عمل من جانبها لترجمة هذه الخطوة المشتركة لا أن تمر المناسبة مرور الكرام . فهذه الخطوة وإن كانت تنظيمية ، تحتاج إلى حقن المجتمع والأسرة بجرعات توعية مستمرة ، ومناقشة خطوة مهمة مثل إنشاء مكاتب للخدمة الاجتماعية في المحاكم والتعريف من خلالها بما يستوجبه الحفاظ على خلق المسلم ورباط الأسرة.
فيما مضى كانت القضايا الاجتماعية والخلافات الأسرية تحل في محيطها الضيق عندما كان الكبار والوجهاء يتدخلون، وكان العيب كل العيب أن يصل الخلاف إلى الشرطة أو التقاضي ويلومون أنفسهم كثيرا إذا ما حصل، وكان الزوج مثلما الزوجة وأهلهما يربأون بأنفسهم أن تتسع الشقة، فكان حكم من أهله وحكم من أهلها، وعادة ما يتم التصالح لأن بذرة التربية كانت حية ومن الصعب نشر الغسيل لأنه يمس كرامتهم ويهز صورتهم إلا إذا شق الأمر وكان أبغض الحلال نادر الحدوث.
اليوم نسبة الطلاق تجعلنا نسأل عن دور أولياء الأمور آباء وأمهات وأجداد: أين هم؟.. هل أصبحوا أطرافا في النزاع أم يجلسون على مقاعد المتفرجين؟.. أم أن الأجيال الجديدة لها (دماغ لحالها) وتتصرف دون رادع من الكبار الذين يخطبون ويباركون ويفرحون بزواج أبنائهم وبناتهم ثم يتوقف دورهم ويتركون سفينة الأسرة وسط الأمواج المتلاطمة؟!.
لا أريد الخوض في هذه الجوانب لأنها ليست موضوعنا ولأنها متشابكة، وأعود إلى خطوة وزارتي العدل والشؤون الاجتماعية التي نباركها ونتمنى معها زيادة مراكز الاستشارات الأسرية وتأهيل المقبلين على الزواج بنفس اهتمامنا بالفحص الطبي.. فيكفينا ما كشف عنه معالي وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى عن أن 60% من القضايا التي تنظرها المحاكم ذات طابع اجتماعي أي خلافات أسرية ، مما استلزم إيجاد مكاتب للخدمة الاجتماعية في المحاكم، بما يعيد دور كبار القوم وكبار الحارة وكبار العائلة بشكل آخر. ومثل هذه الخطوة تختصر وقت وجهد القضاة إلى ما يستحقه منهم من قضايا أخرى لا سبيل لحلها سوى العدالة.
إن التصالح يطيب النفوس والسعي إليه فيه خير ويجزى فاعله كما قال الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذا الحجم من القضايا الاجتماعية والأسرية لابد وأن يدق ناقوس الخطر عن تراجع دور المجتمع حتى زادت نسب الطلاق بشكل مخيف ، وطبقا لاحصاءات وزارة العدل عن الزواج والطلاق لعام 1429ه فإن صكوك الطلاق لعام 1429ه بلغت 28,867 صكاً بمعدل تغيير قدره 55% تمثل الزيادة عن عام 1420ه.. وهذه الأرقام نسمعها ونقرأها ونعايش حالاتها في مجتمعنا واقعا مؤلما وقاسيا لأسر تنفصم عراها على مدار اليوم ، وللأسف نردد هذه الاحصاءات بإحساس اجتماعي بارد ، ولا يفيق الكثير من الأسر من غفلتها التربوية تجاه الشباب من الجنسين قبل أن يقبلوا على الزواج.
مطلوب تحرك اجتماعي جاد يشارك فيه كافة القائمين على الخطاب الإعلامي والدعوي والتوعوي وصولا إلى التعليم الذي يجب أن يكرس مفهوم حقوق الإنسان رجلا كان أم امرأة ويعيد صياغة المنهج التربوي صوب هذه الأمور التي انفلت عقالها ولا نملك سوى اتهام الفضائيات والعولمة والإنترنت وغير ذلك مما أدمنا الشكوى منه ولن يكون للشكوى صدى شئنا أم أبينا طالما بقي الحال على ماهو عليه . نسأل الله العفو والعافية.
ikutbi@kau.edu.sa
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (58) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 - Stc
635031 - Mobily
737221 - Zain

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store