Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المرأة السعودية ... وشبح البطالة المتنامي

دعوني أُقرر بداية أن المرأة المؤهلة تُمثل نصف قوة العمل في أي مُجتمع هدفه الاستفادة القصوى من مُقدراته وكوادره البشرية التي يجب أن يُستفاد منها جراء الجهد والمال والوقت الذي بُذل على تأهيلها سواءً

A A

دعوني أُقرر بداية أن المرأة المؤهلة تُمثل نصف قوة العمل في أي مُجتمع هدفه الاستفادة القصوى من مُقدراته وكوادره البشرية التي يجب أن يُستفاد منها جراء الجهد والمال والوقت الذي بُذل على تأهيلها سواءً أكان ذلك من الدولة أم من ذويها ـ وهذا المأمول ـ ، أما المجتمعات التي تمارس تغييب هذا الدور وتُحيله بفعل العادات والأعراف الاجتماعية إلى تعاطٍ ثانوي ؛ فإنها ترتكب خطأ مُركباً يتمثل في الهدر المادي والمعنوي لهذه الكوادر وعليها ـ وهذا الواقع للأسف الشديد ـ .
قادني إلى هذا المُدخل التحقيق المنشور في عدد جريدة المدينة رقم 17613 الصادر يوم الخميس الموافق 8/13 /1432هـ ، والذي أفاد بوجود 400 ألف خريجة جامعية من الأقسام النظرية ، إضافة إلى تخصصات علمية أخرى مثل الكيمياء والفيزياء على قائمة الانتظار للظفر بوظيفة تسد رمقهن ، ويُحققن ذواتهن من خلالها ، ويُساهمن في دفع عجلة التنمية بمدلولها الشامل ، وهذا رقم مُذهل في عالم الإحصائيات لطاقة بشرية تقبع خلف قضبان الإهمال ، وتعاني مرارة الحسرة ، وتتذوق صباح مساء آفة البطالة .
إن السكوت على مثل هذا الوضع ـ إن صحت الإحصائية ـ فإننا نقوم بالتجني على المرأة السعودية ، ونرتكب في حقها جريرة تاريخية لن تغفرها لنا أعذارنا الواهية التي أطَّرنا من خلالها دورها ، واختزلناه في مجالات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة ، لا وأرهقنا كاهلهن بالمتابعة التلصصية وكأنهن غير جديرات بهكذا أماكن .
لذا يجب أن يُعاد النظر في الكثير من السياسات المُتعلقة بالتأهيل في الجامعات من جهة ، والإفراج عن المجالات المحجوبة عن المرأة للعمل فيها شريطة مواءمتها لطبيعتها من جهة أخرى ، فأما برامج التأهيل لسوق العمل في الجامعات فلابد أن يكون سوق العمل هو الموجِّه للجامعات وليس العكس كما هو حاصل الآن ، لأن هذا التوجُّه يُجبر الجامعات على مراجعة برامجها ، وتقييمها للوصول بها إلى الحد الذي يكون سوق العمل جاذباً لمُخرجاتها لا طارداً لها ، وبذلك نُحقق التكامل المنشود بين ما تقوم به الدولة من التأهيل وما يتوجب على القطاع الخاص ـ تحديداً ـ من المساهمة في تجفيف منابع البطالة ، أو تخفيف نسبتها قدر الإمكان ، على اعتبار أنه شريك أساسي في تحقيق التنمية المستدامة ، بينما حان وقت التخلي عن تجريم عمل المرأة في بعض المجالات المحكومة بالإسقاطات السلبية ، وتذليل المعوقات في سبيل ممارستهن لهذه المهن التي ـ حتماً ـ ستقضي على الكثير من المُشكلات النفسية والأسرية المتفاقمة خلف جدران البيوت المُتكلِّسة ، وبين ردهات الغرف المُظلمة .
إننا ننظر للإجراءات العملية لوزارة العمل بكبير الأمل ، ونُعوُّل عليها ـ بعد الله ـ أن تتجاوز الصعوبات المُعرقِلة لتنفيذ سياساتها التطويرية لتسكين المرأة في مجالات العمل المناسبة لها ، وعدم الزج بها في بعض الأعمال التي لا تتواءم مع كينونتها ؛ لكي لا نخرق السنة الإلهية التي حددت طبيعة الجنسين ، وبالتالي المهام الموكلة لكلٍ منهما .

Zaer21@gmail.com

 

للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS

تبدأ بالرمز (33) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى

88591 - Stc

635031 - Mobily

737221 - Zain)

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store