Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مسؤولية الحماية

يدور في الأوساط السياسية والأكاديمية هذه الأيام حوار حول مفهوم جديد في العلاقات الدولية تتبناه عدد من الدول والمنظمات غير الحكومية وهو ما يسمى بمسئولية الحماية، ويستند هذا المفهوم على أن مسئولية حم

A A

يدور في الأوساط السياسية والأكاديمية هذه الأيام حوار حول مفهوم جديد في العلاقات الدولية تتبناه عدد من الدول والمنظمات غير الحكومية وهو ما يسمى بمسئولية الحماية، ويستند هذا المفهوم على أن مسئولية حماية المواطنين في أي دولة تقع على عاتق الدولة ذاتها، ولكن إذا ما كانت الدولة غير قادرة أو غير راغبة في تأمين الحماية لمواطنيها أو لفئات منهم فإن هذه الحماية تصبح مسئولية المجتمع الدولي الذي يجب عليه عندئذ التدخل لتوفير الحماية اللازمة.
يستشهد المنادون بهذه النظرية بحالات عديدة أخفقت فيها بعض الدول في تأمين الحماية لفئات من مواطنيها مثل مذبحة اليهود في ألمانيا ومذبحة نظام بول بوت في كمبوديا ومذابح رواندا واستباحة أملاك المواطنين من أصل هندي في أوغندا في عهد عيدي أمين وغيرها من الحالات، وفي كل تلك القضايا كان العالم يقف متفرجاً دون أن يتدخل باستثناء حالة أوغندا عندما قامت تنزانيا منفردة وبدون الحصول على غطاء قانوني دولي بالتدخل العسكري الذي أطاح بالرئيس عيدي أمين، ولقد كانت قضية حماية المدنيين في ليبيا أول حالة يتدخل فيها المجتمع الدولي بقرار من مجلس الأمن أشارت ديباجته إلى مسئولية حماية المدنيين.
يؤكد أصحاب هذه النظرية على أنها تستند على ثلاثة أركان أولها هو الالتزام بأن المسئولية الرئيسية في حماية المواطنين تقع على عاتق دولتهم دون سواها، أما الركن الثاني فهو أن على المجتمع الدولي أن يسعى كخطوة أولى إلى مساعدة الدولة التي يتعرض مواطنوها أو جزء منهم للخطر على حمايتهم بوسائل متعددة والاهتمام ضمن هذا الإطار بالاجراءات الوقائية والاحترازية التي يمكن للدولة أن تتخذها لمنع وقوع مواطنيها تحت خطر يهدد أمنهم وسلامتهم، ثم يأتي الركن الثالث وهو أن المجتمع الدولي يصبح مسئولاً مسئولية مباشرة عن تأمين الحماية لمواطني الدولة الذين يتعرضون للخطر وذلك كإجراء أخير إذا أخفقت الإجراءات التي يرتكز عليها الركنان الأول والثاني.
يعترض البعض على هذه النظرية مستندين على مبدأ هام من مبادئ القانون الدولي وهو مبدأ السيادة الكاملة والمتساوية لكل دولة من دول العالم على أراضيها ومواطنيها وعلى مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، كما يتخوفون من أن يساء استخدام المبدأ بحيث يصبح ذريعة للتدخل في بعض الحالات دون أخرى وربما العمل على تغيير نظام أو آخر تحت حجة مسئولية الحماية، ويثير هؤلاء تساؤلات عدة حول المعايير التي يمكن استخدامها بموضوعية لتحديد ماهي الحالات التي يمكن أن يستثار بشأنها مبدأ مسئولية الحماية، وهل يمكن أن يستخدم هذا المبدأ لفرض وصاية دولية لصالح أقليات عرقية أو اثنية أو مذهبية، وكيف يمكن ضبط الانتقال بموجب هذه النظرية من مرحلة إلى أخرى وفق الأركان الثلاثة المشار إليها.
المبادئ الأساسية في فكرة مسئولية الحماية مبادئ نبيلة تستحق الاهتمام ولكن فرص إساءة استخدامها كبيرة، ولذلك فإن القضية تستحق أن تدرس في المحافل العلمية القانونية والسياسية والأكاديمية حتى نتمكن من الخروج بقواعد وضوابط موضوعية قبل أن يذهب العالم بعيداً في تبني مفاهيم جديدة دون أن تتاح لنا الفرصة للتأثير على مسار الأحداث أو المشاركة في صياغتها.
afcar2005@yahoo.com
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (19) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 - Stc
635031 - Mobily
737221 - Zain

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store