Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاطمة أحمد

استدراج العواطف عند اكتمال البدر تمامه

A A
عند اكتمال البدر تمامه، وفي ليل شتاء بارد، كانت تقف في نافذة حجرتها، تنظر إلى ضوئه الذي انعكس على وجهها، فكساها جمالاً على ما تحلَّت به من جمال.

كان بعض المارَّة يعبرون الشارع، والبعض الآخر باسط بضاعته في محلات على الرصيف المقابل.

دخل على واحدٍ منها رجل تبدو على ملامحه الهيبة والوسامة والشباب، اشترى حاجته منها، ثمَّ خرج ووقف على الرصيف منتظرًا عربة تقلُّه إلى مسكنه.

وكان في تلك الأثناء يجول ببصره في المكان ليكتشف معالمه.. يبدو أنَّه غريب عن هذه البلدة.. نظر إلى المنزل المقابل وقد كان قصرًا فارهًا، أبيض اللون، وكان يحوطه حرس كثير، رفع بصره إلى الأعلى ورآها، لم يقدر أن يشيح ببصره عنها.

أقلَّته العربة وعاد إلى مسكنه، إلاَّ أن صورتها لم تفارق عينيه، أينما توجَّه كان وجهها يظهر أمامه، ولم يعد يعلم أكان يرى البدر فيها أم يراها فيه؟!.

كان اليوم التالي موعدًا لعودته إلى بلدته، إلاَّ أنَّه تراجع وآثر البقاء.

عاد في اليوم الثاني إلى نفس الرصيف منتظرًا إيَّاها في نفس الزمن الذي رآها فيه، إلاَّ أنَّ النافذة كانت مغلقة، انتظر يومًا وآخر حتَّى مضى شهر كامل، لم يرَ تلك المجهولة التي سلبت عقله.

اكتمل البدر في الشهر الثاني وهو لازال منتظرًا بدره.. هذه المرَّة فتحت النافذة ووقفت بها.

حاول جاهدًا أن يلفت نظرها إليه، وكان يشير إليها بكلتا يديه.. تنبَّهت له وأشار على شعره الأسود، وعمامته الزرقاء، وثوبه الأبيض!! إلاَّ أنَّها لم تستجب له.

عاد في اليوم الثاني وكانت النافذة موصدة، ولكنَّها كانت ترقبه من خلف زجاجها، كانت تنظر إليه وهو يشير إلى الشعر، والعمامة، والثوب.

فتحت النافذة وأشارت له على شعرها الأسود، ووشاحها الأصفر، وثوبها الأخضر!!

فهمت الفتاة أنَّه كان يريد ملاقاتها في الليل عند البحيرة الزرقاء أمام قصرها.

وأدرك هو أنَّها ترغب باللقاء به ليلاً عند اكتمال البدر في بستان القصر.

اجتاحته حالة من الوله، وعاد سريعًا إلى مسكنه ليستعد لملاقاة فاتنته عند اكتمال البدر تمامه.

مرصد..

في الثامنة من عمرها.. كانت هذه إحدى حكايات أمها ليلاً، علَّها تستدرج بها النوم إلى جفون صغيرتها، ولم تعلم أنَّها كانت البذرة الأولى التي شكَّلت عواطف الأنثى فيها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store