Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سعيد محمد بن زقر

رؤية 2030 والبترول

خواطر اقتصادية

A A
لا جدال أن غايات رؤية 2030 من الشمول والإحاطة بحيث لامست تقريبًا كل تفاصيل الاقتصاد الوطني ومنها اقتصاد المملكة ما بعد عصر البترول ولكنها لم تضرب موعدًا تتوقف فيه المملكه عن تصدير البترول كمادة خام وفي السطور التالية سأوضح أهمية هذه الجزئية، مشيرًا إلى أن المملكة مثل كثير من دول أوبك ظلت تصدر نفطها في الغالب كمادة خام مما جعل استفادة شركات عالمية بأنحاء العالم بأكبر مما ينبغي، فإعادة تصنيع ذات البرميل الخام يولد عوائد مدهشة مثل استخدام مشتقاته الأولية وبيعها كمدخلات صناعية لعدد من المنتجات فمن البرميل الخام يصفى البنزين ووقود الطائرات والديزل والأسفلت فضلا عن تصنيع عدسات لاصقة وهواتف نقالة وشرائح إلكترونيات وأغطية بلاستيكية ومواسير وفايبرغلاس ثم تعود هذه كسلع تستوردها السوق المحلي بأسعار عالية، وقد ظلت هذه سائدة عندما كانت أسعار النفط مرتفعة وتكلفة استخراجه منخفضة وكان العائد مجديًا نوعًا ما ومن ناحية الواردات في مقابل الصادرات ظلت معقولة ولكن في ظل ما استجد من تراجع في الأسعار وارتفاع في التكلفة فإن الأمر يحتاج لاستدراك وأسارع بالإشارة إلى أن المملكة فطنت في وقت مبكر لتشجع قيام صناعات محلية للبتروكيماويات ورغم أهمية الخطوة إلا أن الجانب الأهم في رأيي هو استهداف توقيت بعينه ضمن رؤية المملكة للتوقف عن تصدير البرميل كمادة خام وفي المقابل تشجيع القطاع الخاص بالاستثمار في المصافي وتشجيع التصنيع في المشتقات للسوق المحلي والعالمي وهو ما سيمكن الاقتصاد الوطني من الاستفادة القصوى مثلما يحد من تكسب شركات عالميه على حساب المملكة.

هذا الطرح تبرر جدواه حقيقة أن التجارة العالمية اليوم عابرة للحدود بحيث أصبح تصنيع المنتج الواحد يعتمد على أكثر من شركة في أكثر من دول ولهذا يرى كاتب السطور أن يكون ذلك مدخلًا لتشجيع تدفق الاستثمار الأجنبي بإضافة قيمة حقيقية للاقتصاد الوطني ولتعزيز فكرة تنويع الإيرادات بالتصنيع الذي سيوفر مشتقات تحتاجها صناعات محلية فضلًا عن شركات عالمية فضلًا عن تكوين مشروعات مختلطة متخصصة في المصافي كخطوة ستبرز دور المملكة المتطلع إليه في سوق الطاقة العالمي.

وإذا كان لهذه الخلفية ومعلوماتها نصيب من الدقة فإن الاستثمار في تصنيع البترول الخام سيكون مخرجًا سريعًا يمنع من اللجوء لوصفات صندوق النقد الدولي أو لأي تمويل منه وكنت قد أشرت إلى أن وصفات الصندوق بالذات ما دخلت على اقتصاد أي بلد إلا نخرت عظمه وصندوق النقد أشبه بالغازي يفعل بالاقتصادات ما يفعل السوس بالخشب، فهو يستمتع بما يمكن تسميته (بالبونزي سكيم) في الدول النامية وما أشرت إليه ليس جديدًا لأن وصفات صندوق النقد الدولي في محيطنا العربي وفي الاقتصادات الريعية خلال أربع عقود دليل مادي تشهد عليه ومن ثمارها تعرفونها وأدعو للتداول في تسليط الضوء على فكرة تحديد موعد تتوقف فيه المملكة عن تصدير النفط الخام وأيضًا تشجيع الاستثمار في مشتقاته.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store