Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

نحن والتضامن في مفترق طرق!

A A
يمر عالمنا العربي بأسوأ حالاته في ظل هذا التمزق الذي باعد بين دوله، وسمَّم عقول الشعوب، ومَن يُتابع التراشق الإعلامي بين بعض الأجهزة الإعلامية العربية يُدرك أننا نتدحرج نحو الهاوية، حتى أن أثر هذا الخلاف أخذ حيزًا كبيرًا في وسائط الاتصال الاجتماعي التي أصبحت تقذف بما لا يليق ولا يجوز نشره، وتجعلنا نقف على حقيقة عمق الكراهية، والدرجة التي وصل إليها مؤشر الاحتقان بين الأشقاء.

وعلى ضوء ذلك، فإنني مع الرأي القائل بأن العالم العربي فقد سيطرته على مصيره الجمعي، وزاد انقسام وتباعد أطرافه، ونزوع بعضها للتحالفات الخارجية، ويكاد يصبح منطقة فارغة من القوة يتصارع عليها أصحاب المشروعات الهيمنية داخل الإقليم وخارجه على منافذ الدخول، ولم يعد له أي رصيد في حسابات القوة الدولية والإقليمية، ولا يُلام المواطن العربي إن كان قد شعر بالإحباط لحالة الجمود اللافت الذي هو عليه الآن، وما تمخضت عنه من نتائج، واشتعلت النيران في أغلب مساحاته، وكل تك السلبيات كانت بسبب عدم وجود رابط قوي يجمع الأشقاء عرب ومسلمين ليكونوا قوة موحدة تتصدَّى لكل ما يُحاك لها من مؤامرات من قِبَل الأعداء، فالعلاقات تشوبها أجواء من عدم الثقة، ولذلك كان لابد من وجود قيادة تتولَّى إعادة تنظيم الصفوف، وبث روح التضامن بين الأشقاء من أجل تقوية شوكة البلدان العربية والإسلامية لكبح جماح القوى التي تستهدف بلداننا العربية، وتعمل على تمزيق صفوفها، فكان أن تصدَّت لذلك القيادة الحكيمة في هذه البلاد الطاهرة، بعد أن رأت أن هذه هي رسالتها، فانطلقت الدعوات تلو الدعوات، تنادي إلى ضرورة إيجاد تضامن عربي وإسلامي، فالملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله، كان رائد الدعوة لتضامن عربي وإسلامي، وفي عهده تأسست رابطة العالم الإسلامي، وأمانة عامة للتضامن الإسلامي، وبنك التنمية الإسلامي ليكون أحد المؤسسات الاقتصادية للتضامن الإسلامي، إيمانًا منه بأن تضامن المسلمين فيما بينهم يحول بين الصهيونية العالمية ومطامعها الشريرة في بلاد الشام، وعلى نهجه وتتبُّع خطاه، سار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث جدد الدعوة إلى التضامن الإسلامي لمواجهة مخططات الأعداء وتفويت الفرص عليهم، وقد تطرق حفظه الله، أثناء وجوده في (ماليزيا) إلى ما يُواجهه الإسلام من حملات تحاول النيل من وسطيته وسماحته، مؤكدًا أهمية التعريف بنهج الإسلام الداعي إلى التسامح والاعتدال ومحاربة التطرف والإرهاب بكل أشكاله، مشيرًا إلى أن التحديات التي يُواجهها العالم الإسلامي تتطلب المزيد من التعاون والتضامن بين الدول والشعوب الإسلامية.

ومن هنا أيضًا انطلقت مبادرة السلام العربي في عهد المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يرحمه الله)، والتي لم تجد -للأسف- قبولًا لدى أعداء السلام، الرابحين من خلف بقاء الاحتلال الإسرائيلي جاثمًا على صدور الفلسطينيين.

ولا يلوح في الأفق -في ظل هذا التشرذم الذي يشهده العالمين العربي والإسلامي- ظهور أي حل من شأنه أن يوقف أنهار الدم التي تسيل على أراضي معظم بلداننا العربية والإسلامية التي تحوَّلت بعضها إلى خراب إذا لم يصغِ العالم إلى تلك النداءات التي تنشد التضامن، وتنشد عزة الإسلام والمسلمين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store