Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

ظاهرة ماكرون

A A
كانت نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية التي أجريت يوم الأحد الماضي مفاجئة للعالم وليس للفرنسيين الذين يعرفون مرشحيهم ويدركون أهدافهم وما يمكن أن يحققوه. أما العالم فلم يكن لديه معرفة كبرى، فالفائز الذي حصل على أعلى الأصوات في هذه المرحلة هو إيمانويل ماكرون حيث بلغت نسبته 23.75% بينما منافسته الأخرى المتطرفة اليمينية ماري لوبان حصلت على نسبة 21.53% ليضمنا بذلك الدخول إلى الجولة الثانية والمقررة في 7 مايو المقبل. وقد وصف عدد من المعلقين السياسيين النتيجة بأنها: «زلزال سياسي في فرنسا وأوروبا»، في دلالة على تفاجُئهم بها.

إيمانويل ماكرون مرشح الوسط والذي اقتحم المسرح السياسي في فرنسا شكَّل ظاهرة مثيرة ،فهو أصغر مرشح رئاسي فرنسي حيث يبلغ من العمر (39) عاماً فقط وهو مصنَّف على أنه مصرفي انضم للحزب الاشتراكي الفرنسي في عام 2006م ،ولكنه انسحب منه بعد ثلاث سنوات فقط ،وعيَّنه الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند وزيراً للاقتصاد في يونيو 2014م غير أنه استقال بعد أقل من عامين في إبريل 2016م في خطوة اعتبرها كثيرون ضربة قاسية لسياسة الرئيس هولاند الاقتصادية.

زوجته بريجيت تروجينو- ماكرون ( 64 عاماً) تكبره بأربعة وعشرين عاماً ،تزوّجها قبل عشر سنوات (2007م)، وقد كانت معلمته في مادة الأدب الفرنسي في المرحلة الثانوية، وسبق لها الزواج ولديها أبناء وأحفاد، أحد أبنائها من زوجها السابق يكبر ماكرون بعامين، غير أن علاقة ماكرون وبريجيت علاقة يصفها الفرنسيون «باللا تقليدية»، وقد ساهمت في رفع أسهم ماكرون بين الفرنسيين ،خاصة وأن لزوجته أناقة -رغم كبر سنها- لم يعهدها الفرنسيون سوى في زوجة ساركوزي عارضة الأزياء الإيطالية.. كارلا بروني.

ما يجعل أيضاً ماكرون ظاهرة مثيرة أن ظهوره على المسرح السياسي الفرنسي من خلال حزب مستقل لم يمض عليه أكثر من عام حينما أسس حركة «إلى الأمام» في سبتمبر من العام الماضي 2016م ،وجعل نهجها «لا يمينية ولا يسارية»، وقد بدأت الحركة من خلال تواصل ماكرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي «السوشال ميديا» مع عدد من شباب وشابات فرنسا ،فجمع قرابة (4000) شخص ساروا في عدد من المدن والأرياف الفرنسية للترويج لفكرة «حركة إلى الأمام» وجمعوا أنصاراً بلغوا (200) ألف.. وأموالاً بلغت في تقديرات البعض قرابة الثلاثة ملايين يورو لدعم ترشيح ماكرون في حملاته الانتخابية.

نجاح ماكرون في الجولة الأولى بأعلى الأصوات ومن بعده اليمينية المتطرفة لوبان ودخولهما إلى الجولة الثانية جعل العديد من أنصار اليسار واليمين المعتدل يتجهون إلى دعم ماكرون خوفاً من فوز لوبان مما قد يؤدي بفرنسا إلى مجاهل غير معلومة.. كما أن برنامج ماكرون والذي يركز في جوهره على مناهضة القوميين الذين يمثلهم حزب الجبهة الوطنية الذي تترأسه لوبان إضافة إلى وعوده- أي ماكرون- بتعزيز الاقتصاد والأمن وهو اقتصادي مصرفي في الأساس ،كلها تدفع إلى القول بأنه سيحقق فوزاً سهلاً في الجولة الثانية ،وقد أظهرت بالفعل استطلاعات الرأي بعد ظهور نتائج الجولة الأولى بأن ماكرون سيحصل على نسبة 68% بينما ستحصل لوبان على 32%، فقط. ونتيجة كتلك ستدفع بماكرون إلى تحقيق ما وعد به في خطابه مباشرة بعد فوزه في الجولة في قوله: «سأكون رئيساً لكل الوطنيين في مواجهة القوميين الشعوبيين «.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store