Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مقاطع الفيديو عبر منصات التواصـــــــــــــل.. أداة للتصحيح ووسيلة للإثارة

No Image

A A
في الوقت الذي تحولت فيه منصات التواصل الاجتماعي إلى مقياس للحراك العام من خلال تداول العديد من الوسائط ذات البعد المجتمعي، فضلاً عن تناقل مقاطع الفيديو التي تظهر بعض المخالفات المرتبكة في المواقع العامة، اعتبر خبراء بأن تداول تلك المقاطع ساهم في علاج الكثير من الحالات الاجتماعية التي حظيت بصدى واسع بعد تدخل الجهات المختصة، في حين يرى آخرون أن تناقل محتوى الوسائط قد يشكل انطباعا سلبيا عن المجتمع نتيجة كثرة تداول المحتوى الذي يظهر الممارسات السلبية.

وبالرغم من انتشار عدد من المقاطع التي تحمل مظاهر التعنيف التي طالت بعض فئات المجتمع فضلاً عن الحالات التي تقع داخل محيط الأسرة، وهو الأمر الذي يخالف في الأصل سياسات وإجراءات النشر على تلك المنصات الإلكترونية، أكد خبراء ومتخصصون في التقنية أن مهمة مراجعة المحتوى من خلال الشركات المسؤولة عن منصات التواصل قبل نشره بـ»الأمر المستحيل» الذي لا يمكن تطبيقه، إلا أن بعضهم دعا إلى ضرورة مراجعة أنظمة النشر الإلكتروني على المستوى المحلي والالتزام بتطبيق الأنظمة والقوانين وفق اللوائح الخاصة بهذا الشأن.

واعتبر خبراء نفسيون واجتماعيون أنه بالرغم من بعض المظاهر السلبية المتداولة في بعض المقاطع الإلكترونية إلا أن هناك دوماً جانبا مشرقا يظهر في هذا الشأن وهو تحرك الجهات المعنية لرفع مظلمة عن شخص بالإضافة إلى قيام تلك المنصات بمهام «الرقيب» على الشأن الاجتماعي، الأمر الذي يعزز مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى الجميع.

«المدينة» طرحت قضية المقاطع والوسائط الإلكترونية للنقاش مع عدد من المختصين والخبراء في قراءة متخصصة لتشخيص حجم التفاعل ووضع تصور ورؤية مستقبلية لواقع تلك الوسائط المتداولة على المستوى المحلي.

​خبير أمني: الكثير من التداعيات الخطيرة تتزامن مع نشر مقاطع فيديو الأحداث والجرائم

أكد الخبير الأمني اللواء متقاعد الدكتور نايف المرواني أن انتشار هذه النوعية من المقاطع تحمل الكثير من المضامين والتفسيرات التي تشير إلى خلل في الجانب النفسي لدى بعض المستخدمين نتيجة تطلع هؤلاء إلى الحصول على ما يدعى بـ»السبق الصحفي» بدون الالتزام بأدنى معايير العمل الصحفي، وقال إنه من الواجب أن تُتخذ المزيد من التدابير الأمنية المتمثلة في إحاطة المجتمع بشكل عام بنتائج الجرائم والأحداث التي يتم تناولها من خلال منصات التواصل الاجتماعي وإيضاح العقوبات للجميع للحد من انتشار مثل هذه الظواهر، وأضاف: يعتقد بعض المستخدمين أن توثيق هذه النوعية من الأحداث ربما قد يعتبره البعض نوعاً من السبق الإعلامي التي قد تضيف قيمة لناشريه في أوساط المجتمع، إلا أن ذلك الأمر يستوجب إيقاف هذه التداعيات من خلال تعزيز المنظومة الإعلامية للجانب الأمني في هذا الشأن، فعندما تحدث أي من حالات الاعتداء أو السطو أو التحرش أو أي نوع من الجرائم أو الانحرافات السلوكية يجب أن يكون هناك دور للجهات الأمنية المختصة للعمل على إثبات ذلك الوضع أو النفي من خلال البيانات الإيضاحية للتعليق على الموضوع أو المقطع المتداول لإغلاق باب التكهنات والشائعات التي ربما تتزامن مع الحدث أو القضية.

وأشار إلى أن نشر هذه النوعية من المقاطع قد يتضمن الكثير من التداعيات الخطيرة على المجتمع التي تحمل نوعا من المحاكاة لتقليد السلوكيات الإجرامية بالإضافة إلى مشاركة ذلك في تعزيز فكرة الانحراف لدى بعض المراهقين بسبب ما تحمله بعض المقاطع من مدلولات سلبية.

مستشار قانوني: الأنظمة تنص على معاقبة مرتكب الجرائم الإلكترونية بالسجن

أوضح المستشار القانوني عبدالرحمن بن مساعد المحمدي أن بعض المقاطع المتداولة عبر المنصات الاجتماعية تحمل جوانب إيجابية متمثلة في توثيق الجريمة والتعرف على الجُناة، مما قد يُمكن الجهات المعنية بسرعة الوصول إليهم، إلا أن انتشار هذه المقاطع وتداولها قد يرفع من حالة التشبع بالجريمة في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يحولها إلى دليل إجرائي قد يدفع بجناة آخرين لارتكاب نفس الفعل والجريمة مجدداً في موقع آخر، وقال: إن الأصل بالتصوير سواء الفوتوغرافي أو الفيديو هو عدم المنع في العموم ولم يرد نص يمنعه نهائياً إلا في حال استخدامه لأغراض غير مشروعه مثل التعدي على الغير أو غيرها من الوسائل التقنية التي من شأنها المساس بالنظام العام أو القيم الدينية، أو الآداب العامة أو حرمة الحياة الخاصة وإرسالها أو تخزينها عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي بما في ذلك جناية الاتجار بالجنس البشري أو تداول المحتوى الإباحي أو الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية وترويجها.

وأشار إلى أن من يقوم بهذا الفعل يضع نفسه تحت طائلة الأنظمة طبقاً لنظامي الجرائم المعلوماتية وكذلك جرائم النشر التي تشتمل على المعاقبة بالسجن مدة لا تزيد عن 5 سنوات وبغرامة مالية لا تزيد عن 3 ملايين ريال.

ونوه المحمدي بأن القيام بالتصوير ونشر محتواه عبر وسائل التواصل الاجتماعي يحمّل الشخص كافة ما يترتب عليه من أضرار للآخرين دون النظر إلى الغرض من التصوير، كما لا يُقبل من المهتم الاحتجاج بأن الغرض من التصوير هو مساعدة الجهات الرسمية من الاستدلال أو التحقيق.

أخصائي نفسي: مشاركة الأحداث تعزز مفهوم المسؤولية الاجتماعية

حملت مشاركة المتخصص في علم النفس الدكتور محمد ثاني رأياً مغايراً عن بقية المشاركين في القضية الأسبوعية حيث يرى أن لهذا النوع من التوثيق على منصات التواصل يحمل جانباً إيجابياً على المجتمع بصورة أكبر، واعتبر أن انتهاج الشفافية في معالجة القضايا هي أسرع طريقة لتعزيز التوعية وأن محاولة التعتيم على الأحداث والقضايا عفى عليها الزمن، ويقول: أمر مستحيل أن يكون هناك جُندي في كل شارع، وهنا يجب أن يكون المواطن شريكاً في تعزيز الجانب الأمني والوقائي في المجتمع، وفي الحقيقة تُعد وسائل التواصل أحد الأجنحة الهامة المساهمة في تعزيز هذا الجانب من خلال توثيق الأحداث وإن كانت سلبية إلا أن نشر الحدث يُعد أمراً إيجابياً للتأكيد على الجميع بأن هناك دوماً من يراقب سلوكياتهم في الأماكن العامة.

وأشار إلى أن بعض حالات التوثيق وسرعة تداولها تحمل في مضامينها الكثير من الحالات الإنسانية وهو الأمر الذي يعزز مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى الجميع، مشيراً إلى انتفاء صفة الخصوصية عند حدوث جريمة أو حالة اعتداء ما في الشارع أو في أي موقع يصنف ضمن المواقع العامة.

خبير أمن معلومات: مزود خدمة الإنترنت معني بمتابعة المحتوى

دعا خالد بن مطر الخبير المتخصص في أمن المعلومات الالكترونية، الشركة الرئيسية المشغلة للإنترنت في المملكة إلى تفعيل الأدوار الرقابية لمتابعة المحتوى الالكتروني الذي يبث يومياً مئات الآلاف من الساعات على جميع منصات التواصل الاجتماعي، وقال: من الصعب جداً أن تنجح الشركات المسؤولة عن منصات التواصل الاجتماعي في تكييف سياسات الاستخدام لديها لتتناسب مع قوانين وأنظمة جميع دول العالم إلا أنه يُمكن متابعة المحتوى الالكتروني المتدفق يومياً على الشبكات على المستوى المحلي من خلال إلزام الشركات المشغلة لشبكة الانترنت بمتابعة ذلك من خلال الـ(PORT) الخاص بكل تطبيق إلكتروني متاح في السعودية.

وأشار إلى ضرورة إسناد مهام متابعة النشر على منصات التواصل الاجتماعي إلى وزارة الثقافة والإعلام بالتنسيق مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وتحويل المهام إلى تنفيذية بعد وضع الأنظمة والقوانين الفعالة لمتابعة الأداء على شبكة الإنترنت وتعزيز الدور الرقابي على محتوى الوسائط المتداولة الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف وضع سياسات وإجراءات مُلزمة لكافة الأطراف سواءً كانوا مستخدمين بشخصياتهم الاعتبارية ومشغلين لتلك المنصات الإلكترونية.

واعتبر بن مطر أن الكثير من الحالات المتمثلة في توثيق الأحداث من خلال مقاطع الفيديو وبثها عبر الشبكة العنكبوتية، بمثابة الخطأ الكبير الذي يقع فيه الكثير من المستخدمين ويُعد بمثابة الجُرم الذي يضع مستخدم الشبكة تحت طائلة القانون.

خبير تقني: مراجعة المحتوى على المنصات الاجتماعية مستحيل تقنيا

أكد سمير الجنيد الخبير المتخصص في تقنية المعلومات أن الشركات الكبرى المشغلة للمنصات الاجتماعية تتعاون مع بعض الدول التي سمحت بتشغيلها ضمن نطاق حدودها إلا أنه من المستحيل تقنياً مراجعة كافة الوسائط والرسائل المتداولة عبر تلك المنصات الإلكترونية قبل السماح بنشرها، خصوصاً وأن بعضها يحظى بتدفق البيانات بشكل كبير.

واعتبر أن السبب الرئيس لظاهرة تصوير الأحداث اليومية التي تتضمن مقاطع لأحداث معينة داخل مؤسسات حكومية أو في شوارع عامة بسبب رغبة البعض في تحقيق المصالح الخاصة أو التطلع إلى تحقيق العدالة الاجتماعية دون اللجوء إلى الإجراءات الرسمية المتمثلة في الإبلاغ أو بسبب عدم المعرفة الكاملة بطريقة الاتصال السريع مع الجهات المختصة لمعالجة أحد الحوادث، كما إن بعض أصحاب الحسابات على منصات التواصل يساهمون بشكل أو بآخر في نشر هذه النوعية من المقاطع ظناً أن ذلك يرفع من مكانتها في الوسط التقني.

خبير إعلام: تعميم القضايا الفردية كظاهرة تشويه للصورة الذهنية

شخّص الدكتور علي الضميان، رئيس قسم الإعلام وعلوم الاتصال بجامعة الطائف، الواقع الحالي لمنصات التواصل الاجتماعي بأنها أصبحت اليوم تُمارس مهام صحافة المواطن وتقوم بمهام الرقيب لتشكل بذلك مقياساً لتقييم نطاقات جغرافية محددة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً، إلا أن أستاذ الإعلام اعتبر محاولة تكييف بعض القضايا الفردية المتداولة على المنصات الاجتماعية بأنها تحولت إلى ظاهرة اجتماعية يُعد بمثابة التأثير السلبي على المجتمعات بالرغم من ما قد تحمله من إيجابيات في بعض الأحيان، وقال: تسليط الضوء على مشكلة فردية في محاولة لرفع مظلمة عن شخص ما أمر في غاية الإيجابية إلا انتشار هذه القضية بصورة كبيرة وتعميمها على منصات التواصل الاجتماعي يؤثر سلباً على الصورة الذهنية للمجتمع الأمر الذي قد يحولها إلى ظاهرة ثابتة في أذهان من يشاهد تلك الصور والمقاطع المتداولة لأحد القضايا الفردية.

وعن الإيجابيات أكد الدكتور الضميان أن انتشار الهواتف الذكية المزودة بكاميرات عززت من مفاهيم الرقابة العامة لدى من يحمل سلوكاً انحرافياً خوفاً من توثيق أي سلوكيات ونشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي التي تشهد تطوراً متسارعاً.

باحث: الرقابة الذاتية أمر نسبي

يرى الناشط الإلكتروني أمجد المنيف، مدير مركز سمت للدراسات بأنه يجب تطوير نظام الجرائم المعلوماتية على المستوى المحلي بالإضافة إلى تحديد مسارات واضحة للإجراءات المنظمة في هذا الشأن والتوضيح للمجتمع عن الجهات المسؤولة عن تطبيق تلك الأنظمة وفق الاختصاص، وقال: يفترض أن تكون القوانين الخاصة بالشبكات الاجتماعية سارية في جميع البلدان التي تسمح باستخدام هذه الشبكات داخل نطاقها الجغرافي وبالتالي يستلزم ذلك مراجعة سياسات النشر على منصات التواصل الاجتماعي للعديد من الاعتبارات التي يأتي في مقدمتها طبيعة الاستخدام والتحول في نوعية القضايا المتداولة التي يمكن أن يستفاد منها كسوابق بالإضافة إلى وجود قوانين متعلقة بحرية نشر المحتوى لدى بعض الدول وخصوصاً الاتحاد الأوربي الأمر الذي قد يتقاطع مع ذلك الشأن. وأشار المنيف إلى أن الرقابة الذاتية على مواقع التواصل الاجتماعي أمر نسبي ولا يفترض التعويل عليها كثيراً بل يجب تشريع القوانين التي تنظم استخدام تلك الشبكات وتحمي وتحفظ حقوق الجميع.

خبير اجتماع: ضرورة التحقق من صحة المقاطع قبل تداولها

فنّد الدكتور محمود بن محمد كسناوي أستاذ علم الاجتماع بجامعة أم القرى، الأثر الاجتماعي الذي تحدثه منصات التواصل الاجتماعي وما تتضمنه من محتويات متداولة بشكل يومي بين المستخدمين، وقال إن دخول تلك الوسائل على خط الشأن الاجتماعي تسببت في نقلة إعلامية ثقافية كبيرة يعيشها المجتمع المعاصر بطريقة غير مسبوقة بسبب سرعة تداول الأخبار والمعلومات والتعليق على الأحداث والشأن الاجتماعي في أوقات قياسية وهوالأمر الذي أدى إلى الالتقاء مع الجميع في بوتقة واحدة داخل الإطار الاجتماعي، إلا أنه لابد من التحقق من صحة المقاطع قبل إطلاق الأحكام من قبل المجتمع وهو ما قد يستخدمه بعض المغرضون لبسط الإرهاب الفكري والتأثير على المجتمع وترويعه وبث حالة من تثبيط العزائم وإقرار السلبية.

وأضاف: تحمل مقاطع الوسائط المتداولة غالباً جانبين أحدهما ذات تأثير سلبي والآخر إيجابي وهو الأكثر شمولاً في إحاطة كافة الأفراد بما يدور في الشأن الاجتماعي، في حين ينحصر الجانب السلبي في تكوين صورة وانطباع منافي للواقع لمشاهدي ذلك المحتوى عبر الفضاء الإلكتروني.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store