Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

النعومة الإيرانية

A A
في تصريح مفاجئ، وإن لم يكن للكل، وصف محمد جواد ظريف وزير خارجية إيران الهجوم الذي قام به إيرانيون ضد السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد بأنه «حماقة تاريخية وخيانة من جانب المهاجمين». بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين أشار إلى «أن الحكومة الإيرانية وعلى أعلى مستوياتها، مجلس الأمن القومي الإيراني ،الرئيس والوزراء ومندوبي المرشد الممثلين فيه، كانوا على علم تام بالهجوم».

حديث ظريف كان أمام مجموعة من المدرسين الإيرانيين في كلية العلاقات الدولية في طهران يوم الأربعاء الماضي وقد تناقلته وسائل الإعلام الدولية بشكل موسع وذلك لما يتضمنه من مؤشرات وصفها البعض «بأن إيران تلوح بخطاب تصالحي مع السعودية خشية التوجه الذي أخذت ملامحه تتضح بإقامة تحالف إقليمي ودولي مضاد لإيران تُشكِّل كل من السعودية والولايات المتحدة الأمريكية نواته الصلبة».

والسؤال الفعلي: لماذا هذا الخطاب الناعم وتحديداً الآن؟ فمن المعروف أن الهجوم الذي طال السفارة والقنصلية السعوديتين تم قبل أكثر من عام وتحديداً مساء السبت ليلة الأحد 2 يناير 2016م ولم يظهر تصريح ناعم أو ناقد لذلك الفعل من قبل المسؤولين الإيرانيين إلا بعد زمن طويل كنتيجة لردود الفعل العالمية التي أدانته وبكل قوة؟ بل إن وسائل الإعلام الإيرانية آنذاك وصفت ما حدث بأنه انفعال لمتظاهرين غاضبين من إعدام المملكة العربية السعودية لإرهابيين ،وكأنه فعل طبيعي لا يتناقض مع الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية .وعندما قطعت السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران كردة فعل خرج أعلى سلطة قضائية وهو صادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية الإيرانية بتصريح غريب يقول فيه: «إن إيران ليست في حاجة لحكام السعودية وإن قطعهم للعلاقات لن يسبب مشكلة لإيران».!

بل أكثر من ذلك فبعض ملالي إيران وخطبائها وصفوا الهجوم على السفارة والقنصلية بالمؤامرة السعودية ،فهذا آية الله أحمد علم الهدى خطيب الجمعة في مدينة مشهد الإيرانية يقول في خطبة الجمعة (8 يناير) التي تلت الحادثة: «يجب علينا تفويت الفرصة على الأعداء لأن الهجوم على السفارة السعودية في طهران مؤامرة سعودية سبق التخطيط لها». وفي نفس السياق وصف آية الله محمد كاشاني خطيب الجمعة في طهران تنفيذ المملكة لأحكام الإعدام ضد الإرهابيين بأنه «جريمة» لتأجيج الموقف ضدها.

التصريح الناعم لظريف وفي هذا الوقت تحديداً إنما يهدف أولاً إلى كسب أصوات ناخبين لصالح من يوصفون بالإصلاحيين، الرئيس الإيراني حسن روحاني ونائبه إسحاق جهانغيري ،ضد من يوصفون بالمتشددين، إبراهيم رئيسي سادن الروضة الرضوية ومحمد باقر قاليباف عمدة طهران الحالي، وذلك بإلقاء اللوم على الأخيرين خاصة وأن قاليباف لازال يحمي قائد المجموعة التي قامت بالاعتداءات.

وثانياً تسعى طهران في ظل تصاعد النقد على سياساتها التوسعية ورعايتها للإرهاب إلى تخفيف ذلك والظهور بمظهر المسالم والمتصالح مع جيرانه عسى أن تعود أيام الصفاء التي عاشتها أيام رئاسة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. لكن والعالم أصبح واعياً لألاعيب الساسة والملالي الإيرانيين لا أظنه سيمررها إن لم تقم إيران فعلياً وليس صورياً بمحاكمة ومحاسبة مرتكبي جريمة الاعتداء على السفارة والقنصلية ،وإيقاف نشاطاتها التوسعية والعدوانية في المنطقة ورفع حمايتها للإرهاب العالمي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store