Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

اقتراب نهاية عفاش والحوثي

A A
تناقلتْ بعضُ وسائلِ الإعلامِ تقاريرَ وأخبارًا تتحدَّثُ عن خلافٍ بينَ الرئيسِ اليمنيِّ المخلوعِ علي عبدالله صالح والحوثيِّينَ، فحسب مَا نقلتهُ تلكَ الوسائلُ فإنَّ علي صالح أمرَ وسائلَ الإعلامِ التابعةَ لهُ (قناة اليمن اليوم «الفضائيَّة») بـ»تعريةِ»، و»فضحِ» زعيمِ الحوثيِّينَ عبدالملك الحوثيِّ، وإبرازِهَا للشَّارعِ اليمنيِّ؛ بهدفِ تحجيمِ دورِهِ، ودورِ جماعتِهِ في الشأنِ اليمنيِّ.

خطوةُ صالح هذِه، كمَا توردُ وسائلُ الإعلامِ، أتتْ نتيجةَ أنباءٍ متواترةٍ عن نيَّةِ عبدالملك الحوثي اغتيالَ علي صالح، وإخراجِهِ كليَّةً من المشهدِ والمسرحِ السياسيِّ اليمنيِّ، ففي اجتماعٍ لهُ مع عددٍ من قياديي حزبِ المؤتمرِ الشعبيِّ، الذِي يرأسُهُ ويموِّلُهُ، طالبَ صالح بوضعِ خطَّةِ فضحٍ وتعريةٍ إعلاميَّةٍ للحوثيِّ ردًّا بردٍّ.

في نفسِ السياقِ، هاجمَ عادل الشجاع القياديُّ في حزبِ المؤتمرِ الشعبيِّ، الحوثيِّينَ، ووصفَهُم بالخيانةِ لليمنِ، مقابلَ حفنةٍ من المالِ الإيرانيِّ. فكمَا نقلتْ صحيفةُ «عكاظ» قالَ الشجاع نصًّا: «إنَّ الحوثيِّينَ مرتبطُونَ بإيرانَ، وإنَّهم باعُوا اليمنَ لهَا بثمنٍ بخسٍ»، وكرَّر بأنَّ «المليشياتِ الحوثيَّةِ تنطلقُ من فكرٍ عنصريٍّ متطرِّفٍ، وتعتقدُ أنَّ بقاءَهَا لا يمكنُ أنْ يستمرَ إلاَّ بتكريسِ الانغلاقِ، وتحاولُ صناعةَ حائطٍ للمبكَى، تضعُ عليهِ الآلامَ المصطنعةَ ضدَّ شركاءِ الوطنِ والعقيدةِ».

لا شكَّ أنَّ مثلَ هذِهِ التقارير مؤشِّرٌ حقيقيٌّ وجادٌّ علَى خلافٍ كبيرٍ بين طرفَي الانقلابِ علَى الشرعيَّةِ في اليمنِ، فمَا كانَ بإمكانِ الحوثيِّينَ، وهُمْ قلَّةٌ فِي نسبتِهم إلى المجموعِ العامِّ في اليمنِ، أن يسيطرُوا علَى العاصمةِ صنعاء، وعلَى اليمنِ، لولاَ التَّخاذلُ من قِبل الجيشِ اليمنيِّ، الذِي كانَ في أغلبِ عناصرِهِ مدينًا بالولاءِ للمخلوعِ صالح، وفي المقابلِ مَا كانَ لصالح، وهُو الذِي خرجَ باتفاقٍ حماهُ من الملاحقةِ القانونيَّةِ أنْ يكونَ لهُ هذَا الحضورُ الطاغِي في الشأنِ اليمنيِّ لو لمْ يتحالفْ مع الحوثيِّينَ، فكلاهما، صالح والحوثي، يرَى في وجودِ وبقاءِ ونفوذِ الآخرِ قوَّةً لهُ هُو، وهذَا مَا لمْ يعكِّرهُ شيءٌ طوالَ المرحلةِ الماضيةِ، أمَّا أنْ تخرجَ تقاريرُ وتصاريحُ عن استهدافِ صالح بالاغتيالِ من قِبَل الحوثيين، وعن ترصُّدِهِ هو وحزبهِ في المقابل للحوثيِّينَ، فلا شكَّ أنَّ ذلكَ مؤشِّرٌ علَى خلافٍ كبيرٍ ستكونُ لهُ نتائجُ كارثيَّةٌ علَى الطرفَينِ، وإيجابيَّةٌ علَى الوضعِ العامِّ في اليمنِ، وعلَى الشعبِ اليمنيِّ ذاته.

والسؤالُ: لماذَا يحدثُ هذَا والآنَ تحديدًا؟! بقراءةٍ فاحصةٍ للمشهدِ العامِّ إقليميًّا ودوليًّا، يتَّضحُ أنَّ التوجُّهَ الأمريكيَّ الجديدَ لإدارةِ الرئيسِ دونالد ترمب بعودةِ الحضورِ والنفوذِ الأمريكيِّ إلى منطقةِ الشرقِ الأوسطِ بفاعليِّةٍ وقوَّةٍ أرعبَ كثيرينَ، خاصَّةً إيرانَ، والمتحالفِينَ معَهَا، وفي مقدِّمتهِم الحوثيُّونَ وعلي صالح. فالاثنان، الحوثي وصالح، يستمدَّان كثيرًا من نفوذهِمَا من خلالِ الدَّعمِ الإيرانيِّ بالمالِ والموقفِ السياسيِّ، وما يحدثُ في الدوائرِ السياسيَّةِ والدينيَّةِ في إيرانَ من إعادةِ حساباتٍ وتقويمٍ خوفًا من السياسةِ الأمريكيَّةِ الجديدةِ، سيكونُ لهُ انعكاساتُهُ الكبيرةُ علَى صالح والحوثي، وصالح كمَا هُو معروفٌ ومعهودٌ عنهُ أنه ألعوبانٌ يرَى أنَّ الوقتَ حانَ لفضِّ ذلكَ التحالفِ، وتلطيفِ الأجواءِ معَ المملكةِ وأمريكَا، بالابتعادِ عن الحوثيِّينَ، عسَى أنْ يكونَ لهُ ذلكَ خطّ رجعةٍ وأمانٍ مستقبليٍّ، كمَا حدثَ مرَّاتٍ عديدةً في الماضِي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store