Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

الشذوذ القطري

A A
لم تألُ قطر منذ انقلاب الشيخ حمد بن خليفة على أبيه الشيخ خليفة جهداً في الشذوذ عن محيطها الخليجي والعربي، فهرولت إلى الحضن الإسرائيلي وأقامت مع دولة الكيان الصهيوني علاقات دبلوماسية، واستقبل أمراؤها وشيوخها كبار المسؤولين الصهاينة من شيمون بيريز وأمثاله في العاصمة القطرية الدوحة. كما لم يهتم ساسة قطر بمعنى الأخوة العربية وتلازم الدم والمصير والتاريخ المشترك بارتمائهم في أحضان الدولة الفارسية البغيضة والتي تشكل تهديداً على دول الخليج العربي وشعوبه، وهو ما يتمثل في تصريحات كثير من مسؤوليها، إضافة إلى انغماسهم (أي الإيرانيين) حتى النخاع في التأليب داخل مملكة البحرين واحتلالهم للجزر الإماراتية ودعمهم ومساندتهم المفتوحة للحوثيين في اليمن.

ولم يكتفِ ساسة قطر بذلك بل سعوا إلى إحداث شرخ في العلاقات الخليجية سواء على المستوى الرسمي أو بين الشعوب، فكانت محطة «الجزيرة» الفضائية خير وسيلة لفعل ذلك، ولم يخفِ مسؤولو المحطة تلك الأهداف بل تباهوا بها في فترة من الزمن، وظن شيوخ قطر أن المال يعطيهم الحق في التدخل في أي مكان يريدون، فعاثوا في الأرض فساداً من العراق إلى البحرين إلى سوريا إلى ليبيا إلى اليمن، غير أنهم نسوا أن مثل هذه الأعمال الوضيعة لن تخفى للأبد وأن شمس الحقيقة ستخرجها في كامل سطوعها للعامة، وهو ما حدث، فاليوم لم يعد خافياً الدور القطري في كل هذه القضايا والأزمات التي أصبحت مثار نقاش في أروقة مؤسسات دولية كبرى مثل الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية.

في كل مرة تشذ قطر عن معاني الأخوة والجوار والمصير المشترك يتوقع البعض عودة الرشد لساستها وشيوخها خاصة عندما يطالبون بتدخل دولة شقيقة لاحتواء خلاف نتج عن سوء سلوكها كما هو الحال مع دولة الكويت وسعيها لتقريب وجهات النظر بين قطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، لكن تعود قطر مرة أخرى إلى مسارها وأساليبها الشاذة المعتادة، فتخرِّب هنا وتؤلب هناك، وكأنها دولة عظمى كما تمنَّى ذات يوم الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزرائها ووزير خارجيتها، بل إن قادة قطر وقد أخذتهم نزوة وشهوة العظمة ذات مرة، وبعد أن اشتد الخلاف بينهم وبين دولة البحرين آنذاك أنزلوا قوة عسكرية في عام 1986 على جزيرة فشت الديبل البحرينية واحتجزوا موظفين وعمال إنشاءات بحرينيين، ولم يوقف غيَّهم حينها سوى الحزم السعودي والوقوف إلى جانب الحق البحريني.

قطر اليوم هي في أسوأ مراحل وجودها وقد تواردت أنباء عن خلافات داخلية ربما تؤدي إلى انقلاب أو حالات تمرد كما حدث من قبل إبان حكم الشيخ حمد بن خليفة في المحاولة الانقلابية من أفراد وضباط في الجيش القطري في شهر يونيو (مثل شهرنا هذا) 1996م.

على أمراء وشيوخ وساسة قطر إدراك أن أمانهم واستقرارهم ليس بالارتماء في أحضان الصهاينة أو الفرس أو بالاستعانة بمليشيات وفرق إرهابية، حزب الله، النصرة، جماعة الإخوان، أو إثارة الفتن والقلاقل والتدخل في قضايا بعيدة عنهم ليبدوا وكأنهم كبار، لا بل في الواقعية السياسية والجغرافية التي تحتم توافقهم مع جيرانهم من دول الخليج العربي، والدول العربية، والتمسك بالأخوة والجوار والمصير المشترك خليجياً وعربياً، بعيداً عن كل الأحلام والأوهام المسيطرة عليهم اليوم، وإلا فإنهم سيُعزَلون كلية عن العالم بقطع دول الجوار أي تواصل معهم كما حدث قبل أمس مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، ولا يلومنَّ أحدٌ نفسَه سوى قادةِ قطر!!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store