Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

هكذا سنُصفِّق لقطر

A A
أخذتُ مطلع شهر رمضان المنصرم -وفق العادة شبه السنوية- فسحةً من الكتابة لأسابيع معدودة، وفي تلك الأثناء تسارعت وبشكل دراماتيكي تبعات الحالة القَطَرية بعد تصريحات أمير قطر، وأخذت حيزًا كبيرًا من الاهتمام على المستوى العربي بل والدولي، وهو ما جعل العالَم ينام على تداعياتها ويستيقظ على تداعيات أخرى لها مستجدة. لن ألجأ لقاموس الشتم وحشد الألفاظ المسيئة التي لا تتوافق مع مبادئ قيادتنا وسياسة بلادنا المتوازنة حتى مع الأعداء، وعليه ففي ظني أن موقف المملكة من قطر لم يأتِ فقط -كما يرى البعض- نتيجة احتواء قطر بعض المنظمات الإرهابية؛ فلبنان مثلًا يسترخي على أرضها وينهب اقتصادها حزبُ الله الذي تُصنِّفه المملكة على أنه إرهابي، وله مواقف عدائية ووقائع إرهابية ضد المملكة. ولم يأتِ موقف المملكة فقط نتيجة ما تبثه قناة الجزيرة التي تتخذ من الدوحة مقرًّا لها من سموم ضد المملكة، ولم يأتِ موقف المملكة فقط نتيجة العلاقات الخفية القطرية الإيرانية وما تضمره من نوايا ضد المملكة؛ فالعراق مثلًا له علاقات تعدل علاقات العرب جميعهم مع إيران، وهي العلاقات التي حيكت من خلالها المكائد للمملكة. ومع أن هذه الأسباب -فرادى أو مجتمعة- كفيلة باتخاذ المملكة هذا الموقف الصارم تجاه الحكومة القطرية والحكومات المماثلة لها إلا أنه ينبغي ألا تغيب عن أذهاننا فترة الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر السابق ومعه وزير خارجيته حمد الآخر، تلك الفترة التي كانت مخرجاتها ما نشاهده اليوم من تأزم وتوتر وقطع للعلاقات بين المملكة وقطر، وهي الفترة التي سماها الدكتور عبدالله الغذامي (العهد الإشكالي) وألقت بظلالها الوخيمة على المشهد السياسي الحالي، وفي تلك الفترة -وبحسب التسجيلات والتقارير المفصَح عنها- تآمر حمد مع الهالك القذافي على اغتيال الملك عبدالله رحمه الله، وسعى جاهدًا لتفكيك المملكة وتغيير نظامها. ومن يومها بقيت مؤامراته تلك جرحًا قابلًا للانفجار حتى حلت الطامة الحالية التي فجرت المشهد وكشفت الأوراق، وجعلت مكائد العهد الإشكالي تُستدعى من جديد -وبالأخص مكيدة قتل الملك عبدالله والتآمر لتفكيك المملكة- ما جعل قطر في موضع التهمة التي لا تقبل النفي، خصوصًا وأنها لم تُبدِ ما يؤكد عزمها على إصلاح مخرجات ذلك العهد. كان بإمكان حمد بن خليفة، وهو المتطلع لجعل قطر فريدة زمانها، أن يسلك مسلك الفرادة في جانبها الإيجابي وفي وضح النهار، كان بإمكانه أن يجعل من قطر قِبلةً للاقتصاديين، ووجهةً للعلم والعلماء، وبلدًا صناعيًّا لمختلف الصناعات المتطورة والتقنيات الحديثة، ومُدُنًا نموذجيةً للإعلام والإعلاميين، وأن يجعل منها متفردة في تنظيم المناسبات الرياضية ورعاية الرياضيين وتطوير الرياضة، ومثلًا يُحتذى في النظام والنزاهة والمحاسبة، ولن يعجزه ذلك خصوصًا وقطر تملك من الثروات والمقومات المادية الضخمة ما يمكِّنها من ذلك بعيدًا عن سلوك مسلك السياسة بشكله التآمري والكيدي والتثويري الذي لم يقبض منه إلا الوبال. ليت حمد استفاد من الدرس الياباني والتجربة الماليزية وبدأ من حيث انتهتا، فالتجربتان هما الأنسب والأليق بقطر، لو فعل ذلك لكانت قطر اليوم درةً تزين جيد الخليج، ولصفَّق لها (الكارهون قبل المحبين)، خصوصًا ومقوماتها الجغرافية والبشرية لا تسمح لها بممارسة اللعبة السياسية (الثقيلة) التي لا تصلح لها إطلاقًا. فهل يفعلها تميم ويصلح ما أوكتاه يدا أبيه من مكائد ومؤامرات ضد المملكة أودت بقطر للوضع الحالي، ويفتح صفحة بيضاء، ويبدأ عهدًا حميدًا جديدًا؟.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store