Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

أين الإنسان القطري؟

A A
لاحظ الجميع منذ بداية الأزمة القطرية غيابا شبه كامل للإعلاميين القطريين، وذلك بالرغم من الإنفاق الهائل جدا للحكومة القطرية على المشروعات الإعلامية داخل قطر وخارجها، حيث تصدر المشهد جنسيات عربية محددة تسيطر على كل مفاصل النشاط الإعلامي القطري بما في ذلك الوظائف القيادية ومنها إدارة قناة الجزيرة. هؤلاء الإعلاميين ظهروا من بداية الأزمة عبر وسائل مختلفة من ضمنها صفحاتهم الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي، مستخدمين لغة وألفاظا هابطة واستفزازية بدا من خلالها حرصهم على تأجيج الأزمة واستمرارها. ومن واقع تجربة، بل تجارب عديدة سابقة لنا كخليجين فإن قلوب هؤلاء تمتلئ حقدا وكراهية لجميع دول الخليج بما فيها قطر نفسها، وأن ولاءهم الوحيد هو للأموال التي يتقاضونها ولا شيء خلاف ذلك.

المؤسف أن هذا الغياب، أو التغييب للإنسان القطري الخليجي لا يقتصر على الجانب الإعلامي وحده، بل يشمل كل الجوانب الأخرى الأدبية والثقافية والفنية والسياسية والأكاديمية والرياضية. وهذا الجانب الأخير (الرياضي) كان مثاراً لتندر واستياء المواطنين القطريين أنفسهم بعد عمليات التجنيس الفاشلة لأعداد كبيرة من اللاعبين الذين لا يتحدثون اللغة العربية، ومنظرهم الملفت وهم صامتون كالأصنام أثناء عزف السلام القطري.

لقد من الله على قطر بثروة هائلة مقارنة بعدد مواطنين لا يتجاوز 300 ألف نسمة، هذه الثروة تم استثمارها في كل شيء باستثناء الإنسان القطري نفسه وتمكينه من الوظائف الحساسة والقيادية التي هو أهل لها وأحق بها من سواه.

علما بأن الإعلام القطري ليس وحده الذي تم اختطافه، حيث إن السؤال الأهم هو بالمثل أين الأدباء والمثقفين والجراحين والسياسيين والأكاديميين والمهندسين القطريين والقطريات الذين لا نراهم ولا نسمع لهم ذكرا إلا نادرا؟

لدينا في المملكة موسوعات ضخمة للإعلاميين والأدباء والمثقفين والدبلوماسيين الأفذاذ، ولدينا ولله الحمد جراحين وعلماء رجالا ونساء شهد العالم لهم بالكفاءة والإبداع استثمرت فيهم الحكومة لسنوات طويلة.

قد يقول قائل إن المقارنة غير عادلة نظرا للفارق الكبير لعدد السكان. حسنا، لنقارن إذا بدول أخرى مجاورة مثل الكويت والبحرين والإمارات والتي أنجبت رجالاً ونساءً مبدعين ونجوما يشار لهم بالبنان في جميع تلك المجالات بشكل يدل على استثمار تلك الدول في مواطنيها، ليس فقط بالمال ولكن بالإعداد والتمكين وهو الأمر الذي حرم منه على ما يبدو المواطن القطري.

إن الإنسان القطري الغالي على قلوبنا لديه قطعا من الطموح والفطنة والمقدرة ما لدى الإنسان السعودي والخليجي عموما، لكن الحكومة القطرية للأسف فضلت الأجنبي عليه لأسباب غير مفهومة، وها هي اليوم تزيده معاناة وظلما بمحاولة سلخه عن محيطه الذي ينتمي إليه ورميه في أحضان مجتمعات ودول لا تنظر إليه إلا باعتباره خزنة أموال مشرعة، وثغرة مفتوحة لطعن أشقائه من دول الجوار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store