Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن سعد العرابي

مراوغة إيرانية

A A
الرئيس الإيراني حسن روحاني وفي خطاب تنصيبه وأدائه اليمين الدستورية لولاية رئاسته الثانية وصف سياسة بلاده الخارجية بقوله: «سياسة خارجية قائمة على السلام بدلاً من الحرب والإصلاح بدلاً من الجمود». كما وصف اتجاه حكومته في التعامل مع الدول المجاورة لإيران بقوله: «التعامل البنَّاء مع دول العالم من أجل تعميق العلاقات مع دول الجوار والمنطقة وارتقاء مستوى التعاون»، وقال: «إن دول المنطقة قادرة على صنع السلام وإنهاء الأزمات بالحوار فيما بينها».

أقوال كهذه كان يمكن أخذها على محمل الجد والصدق لولا التاريخ الأسود لإيران في زعزعة استقرار المنطقة ورفضها التعاون المشترك القائم على احترام سيادة ومصالح الدول الأخرى. فالعالم كله يعرف مدى النفوذ والوجود الإيراني والدعم الكامل لمنظمات وميليشيات خارجة عن القانون وإرهابية التصنيف في العراق وسوريا ولبنان واليمن والخليج العربي. بل إن قادة وساسة إيرانيين تباهوا ذات يوم بسيطرتهم على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء وأنهم ساعون إلى امتداد تلك السيطرة إلى عواصم عربية أخرى.

التقارير التي نقلتها وكالة رويترز الإخبارية قبل أيام والمستندة إلى شواهد وحقائق والتي تبيِّن تهريب إيران لأسلحة للحوثيين في اليمن عبر المياه الكويتية في شمال الخليج العربي واحدةٌ من الإثباتات التي تدين إيران وتدخُّلَها لزعزعة أمن واستقرار المنطقة. فحسب خبر رويترز «فعلى مدى الشهور الستة الماضية بدأ الحرس الثوري الإيراني استخدام مياه الخليج بين الكويت وإيران لتجنب حظر نقل أسلحة للحوثيين». بل وحسب رويترز «إن مسؤولاً إيرانياً كبيراً أبلغها أنه يتم تهريب أجزاء الصواريخ وبطاريات الإطلاق إلى اليمن عبر المياه الكويتية وأحياناً يستخدم هذا الطريق لنقل النقود أيضاً وإن ما تم تهريبه في الشهور الستة الماضية أجزاء صواريخ لا يمكن إنتاجها في اليمن».

وغنيٌّ عن القول إن هذه الصواريخ استخدمها الحوثيون في قصف الأراضي السعودية وعدد منها كان باتجاه مكة المكرمة، فهل بعد هذا دليل على مدى الرغبة الإيرانية في استمرار الحرب في اليمن وعدم استقرار أوضاعه وأمنه؟..

وزيادة في الأمثلة - وهي تملأ الفضاء الإقليمي - على عدم جدية إيران في التعاون الصادق مع دول المنطقة لضمان استقرارها وسيادتها رفض السلطات الإيرانية إصدار تأشيرات دخول للسماح لفريق سعودي في المشاركة ومعرفة ما تم بشأن التحقيقات الخاصة بجريمتي الاعتداء على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد واللتين حدثتا العام الماضي.

ومن المعلوم أن الاعتداءين كانا إثباتاً على مدى تواطؤ السلطات الإيرانية مع بلطجية نظامهم في التعدي على كل الأعراف والقوانين الدولية التي توفِّر وتحمي الممثليات الدبلوماسية. ولو كانت المملكة العربية السعودية تمارس نفس السياسة الإيرانية لما سلِمتْ ممثليات إيران فوق الأراضي السعودية ، لكن الحكمة السعودية واحترامها للقوانين والمواثيق الدولية تمنع أي اعتداءات أو تجاوزات.

إن كانت إيران بالفعل جادة - كما يزعم الرئيس روحاني في خطابه - فإن عليها سحب كل مليشياتها ومستشاريها العسكريين المتواجدين فوق الأراضي العراقية والسورية واللبنانية واليمنية، كما أن عليها التوقف عن دعم المليشيات والجماعات الإرهابية في تلك الدول سواء بالسلاح أو بالمال ليبدو حينها صدق نواياها وليتم حينها وضع نواة لحوارات بناءة فعلياً في خلق استقرار وأمن لكل دول المنطقة، أما غير ذلك فليس سوى مراوغة إيرانية لتحقيق أجندات فارسية هدفُها السيطرةُ على دول المنطقة ومقدِّراتها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store