Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد الثبيتي

خطر ازدواجية السلوك ..

A A
تبقى الأقنعة التي تُخفي الانفصام في الممارسات السلوكية للكثير من أفراد المجتمع مُعضلة كبيرة جراء انتهاك متعاطيها للقيم في الخفاء وتمثلُها في العلن ، ولا يُمكن لممارسيها تجاوزها لاعتبارات أخلاقية ذاتية ولمعايير ضبط اجتماعية خارجية ؛ مما صعَّب على المؤسسات التربوية والبحثية دورها تجاه معالجة هذا الداء نتيجة ازدواجية المعايير ، فالتعامل مع الواضح لا يتطلب جهداً لا يؤمن جانبه ، بينما تكمن خطورته في بويهمية الطرف الآخر ؛ فالمُجتمع عندما يحكمه سُلَّم قِيمي يعمل كموجّه لسلوك الأفراد وإطار مرجعي يحكم تصرفاتهم لا يحتاج الولوج في متاهات الإجابة على الكثير من التساؤلات الجدلية نظير اختلال هذا السُّلم ، والبحث عن تداعيات انعكاساته السلبية التي تقوده إلى اللاعودة .

هذه الحقيقة التي لا تُغطى بغربال ترتبط ارتباطاً وثيقاً بوطنية كل فرد ، فالعطاء للوطن يبدأ من الفرد السوّي ، وبناؤه ينطلق من إخلاصه ؛ لذا فإن الأقنعة التي تحكم واقعنا للأسف لا تمت عضوياً للقيم بأية صلة - كوسيلة ضبط للمُجتمع - الأمر الذي أحال المُجتمع إلى نوع من الفوضى غير المعهودة ، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار عدم وجود الكيفية السليمة لمعالجتها ؛ إما لحداثتها الزمنية أو لتعنُّت مُرتكبيها غير المنطقي ، مما أدى إلى ذوبان أفراده في أتون التقنُّع - شكلاً ومضموناً - متناسين في الوقت ذاته أن التوازن مطلب حتمي ، وأن الحفاظ على الأسس التي يقوم عليها أي مجتمع في إطار مرجعياته الشرعية ، وسُلَّمه القيمي ، وعاداته وتقاليده الإيجابية المتوارثة هي التي تُشكِّل مكانته وتضمن له شخصيته وكينونته المستقلة .

لذا فإن هذا التعاطي غير الموضوعي في سلوكياتنا الحياتية انعكس سلباً على تراجع الحراك الإيجابي للفعل الجمعي ؛ مما يعني أننا أمام تحدٍّ يحتاج من الجميع إلى تضافر الجهود - أفراداً وهيئات - للوقوف على دوافعه الداخلية والكشف عن مُسبباته الخارجية ، ووقف نزيف الهدر غير المُبرر وإعادة الوضع إلى طبيعته من خلال آليّات تمنع الاختراق مهما كان مصدره .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store