Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

أخلاقيات الإعلام وازدواجية المعايير

A A
النقاش الذي يدور حالياً في الوسط الإعلامي عن مهنية وأخلاقيات الإعلام هو أمر صحي ومطلوب وينبغي استثماره قدر الإمكان من قبل المتخصصين وكليات الإعلام وهيئة الصحفيين، وذلك لترسيخ تلك الأخلاقيات ومعاييرها الأساسية، ووضع ميثاق شرف واضح ومحدد يلتزم به الجميع، ‏ويعاقب مخالفه وفق آلية عادلة وواضحة ومحددة أيضاً.

الملفت في كثير من تلك النقاشات التي تدور عادة على شبكات التواصل الاجتماعي أو في مقالات ‏بعض الكتاب ولقاءاتهم هو اشتمالها على قدر كبير من الانحياز والمعايير المزدوجة بشكل يمنحك شعوراً بأن كل طرف يرغب في تفصيل أخلاقيات مهنة على مقاسه شخصياً أو على مقاس الأفكار والتوجهات التي يؤمن بها، ويمتد ذلك ليشمل أموراً تتعلق حتى بالمعايير الأساسية لأخلاقيات الإعلام مثل الاستقلالية والمصداقية والنزاهة وحرية التعبير، مما يشير ‏الى عمق المشكلة والحاجة الماسة الى علاجها، خاصة أن بعض من يقع فيها -بقصد أو بدون قصد- هم من الكتاب والإعلاميين ‏المعروفين وذوي الخبرة ممن يفترض أن يكونوا أحرص الناس على الالتزام بتلك المعايير وتجنب توظيفها بشكل خاطئ يفتقد للمسؤولية ‏ويتعارض مع المصلحة العامة التي هي الهدف الأساس لأي عمل صحفي.

الإعلام دون شك هو مهنة لا تقل أهمية عن أي مهنة أخرى مثل المحاماة والطب والهندسة والمحاسبة وغيرها. جميع هذه ‏المهن لديها معايير محددة للقبول، كما أن لديها أخلاقيات عمل يحظى من يلتزم بها بالتقدير، في حين يتعرض من يخالفها للانتقاد والمقاطعة والإيقاف، أو حتى لما هو أكثر من ذلك مثل الشطب وسحب رخصة ‏ممارسة العمل. الأمر نفسه ينبغي أن يتم تطبيقه على ممارسي مهنة الإعلام، ليس فقط حماية للمجتمع، بل وحماية لحقوق الإعلاميين أنفسهم، وإعادة لهيبة ومصداقية مهنة الإعلام التي تأثرت ‏نتيجة لغياب الضوابط الواضحة التي تحدد شروط الالتحاق بالمهنة، والافتقار للمعايير الأخلاقية التي تحكم ما هو مقبول وغير مقبول بها.

وحتى نكون واقعيين ‏فإن وجود هذه الضوابط والمعايير رغم أهميتها، إلا أنه لا يتوقع منها أن تكون عصا سحرية تعالج جميع سلبيات الإعلام، فهذه الضوابط مثلاً موجودة لدى الإعلام الأمريكي الذي يشهد اليوم جدلاً صاخباً حول أخلاقيات الإعلام ‏ويصفه الرئيس ترمب باستمرار بالإعلام غير الأمين

dishonest media.

من أجل ذلك فإن من المهم أن يصاحب تلك الضوابط والمعايير تركيز أكبر على بناء القيم وزراعتها في نفوس الأجيال الجديدة من طلبة الإعلام، وهو أمر أستطيع القول‏ من واقع خبرة بأنه لا يحظى باهتمام كافٍ، كما ينبغي أن يصاحبها تفعيل أكبر لقوانين وأنظمة النشر بشكل يضمن تغليب ‏المصلحة العامة دوماً على أي اعتبارات ومصالح أخرى ضيقة.

مثل شعبي: القطو العود ما يتربى!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store