Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

الدنيا بعد عام!

ملح وسكر

A A
اليوم آخر جمعة في هذا العام الهجري القصير الطويل. هي الأيام نفسها ليلها ونهارها، شمسها وظلها، ساعاتها ودقائقها. قدم فيها إلى الحياة خلق كثير، من الجن والإنس والحجر والشجر، ويخلق الله ما لا تعلمون. وغادرها كذلك خلق كثير، من الجن والإنس والحجر والشجر، ومما لا تعلمون.

طُوي العام كأنه أيام قلائل، ومضت 50 أسبوعا وكأنها أسبوع واحد! وطُويت معه أحداث كثيرة، البسيطة منها والجسيمة. تغيرت عبر لياليه وأيامه نفوس، وتبدلت مواقف، وظهرت حقائق، وغابت أخرى. منها ما هو على المستوى الكبير، ومنها ما هو في المحيط الصغير.

سبحان الذي لا يتغير، والذي كتب على سنته ألاّ تتبدّل ولا تتحوّل: (فلن تجد لسنة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا)، أدرك ذلك من أدرك، وأنكر ذلك من أنكر، وجهل ذلك من جهل. سنن الله ثابتة راسخة، لكن أفهام الناس تتبدّل، وقناعاتهم تتحوّل، وذاك جزء من الاختبار المتواصل والابتلاء الدائم للنفس البشرية: (ليهلك من هلك عن بينة، وليحيا من حيّ عن بينة).

من سنن الله أن يغرق من يلقي نفسه في اليم وهو لا يجيد السباحة، ومن سننه أن تحترق يد تعرضت للنار طوعا أو كرها، ومن سننه أن تتقدّم أمم بذلت في سبيل التقدم كل الأسباب المشروعة أو المطلوبة، وأن تتأخر أمم لم تبذل في سبيل التقدم ما يتوجب من أسباب مشروعة أو مطلوبة.

ومن سنن الله أن ينتصر الحق ولو بعد حين، مهما طال الزمن، ولو امتد إلى يوم يُبعثون، فقد انتصرت الفئة المؤمنة التي ألقيت في (النار ذات الوقود)، و (قُتل أصحاب الأخدود) الذين أوقدوا النار وألقوا فيها الأبرياء الذين اقتصر ذنبهم على (الإيمان بالله العزيز الحميد).

جوهر الانتصار واحد لا يتغير، معياره مآلات اليوم الآخر، لكن أفهام الناس له تتعدد، منهم من يحصره في انتصار سريع مؤقت كما يظن أصحاب بوذا في (بورما)، ومنهم من يدرك الحقيقة الغائبة: (اقض من أنت قاض، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا)!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store