Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

التعليم.. مسلَّمات قابلة للنقض

A A
سأتناول في الهمِّ التعليمي مسألتَين أصبحتا مع تقادم الزمن من (المسلَّمات) التي لا تقبل النقض لدى بعض شرائح المجتمع التعليمي، ولذا قد يبدو الحديث عنهما شائكًا ومستغرَبًا، ومع هذا فلا بأس من المغامرة وطرح بعض الأفكار علها تسهم في نقض تلك المسلَّمات. المسألة الأولى تتعلق بما يُعرف بـ(الأسبوع التمهيدي) الذي أُقرَّ لتهيئة الطالب المستجِد في الصف الأول الابتدائي لدخول بيئة جديدة مختلفة كليًّا (شكلًا ومضمونًا) عن بيئته الأولى (البيت). هذا الإقرار جاءت به الضرورة كون الطالب (في الماضي) كان يأتي للمدرسة فيصطدم بعالَم لم يألفه في بيئته الصغيرة؛ فالمعلمون -وأكثرهم غير سعوديين- لم يألف الطالب أشكالهم وملابسهم ولهجاتهم، والمبنى المدرسي ومحتوياته وتفصيلاته أشياء غير معهودة لديه، والبيئة التعليمية عالَم مغلق لا يعرف عنه شيئًا، هذا بدوره يؤدي إلى نفور الطالب من هذه البيئة المختلفة (كليًّا) عما ألِفَه وتعوَّده، ولذا جيء بالأسبوع التمهيدي ليجسِّر الفجوة الحاصلة بين بيئة البيت وبيئة المدرسة. مبررات المجيء بالأسبوع التمهيدي كان لها وجاهتُها في ظل التباين والفوارق الحادة بين البيت والمدرسة والتي كانت تميل بوضوح لصالح المدرسة، أما اليوم فالفوارق قد توارت وربما صارت تميل لصالح البيت، وأصبح الطالب يأتي إلى المدرسة وهو يعرف ويألف أغلب معلمِيها نتيجةَ اختلاطه بهم، يأتي وقد تعرف على مبانٍ تفوق مبنى المدرسة حجمًا وشكلًا ومضمونًا، وبالتالي زالت رهبة المكان، يأتي وقد طاف على أماكنَ ومُدنٍ وربما دول، يأتي وقد مر بمرحلة الروضة التي أُقيمت لتهيِّئه للمدرسة، وبالتالي أصبح يألف البيئة التعليمية، يأتي ولديه -نتيجة وسائط التواصل الحديثة- معرفة وإلمام بما حوله تفوق ما كان لدى طالب الثانوية في الماضي، يأتي ولديه إلمام جيد بأبجديات القراءة والكتابة، يأتي ولديه من الجرأة والثقة ما هو كفيل بثباته وتقبله للبيئة المدرسية، ولا عبرة بالحالات النادرة التي حتمًا ستتكيف سريعًا مع الواقع الجديد. وعليه أرى انتفاء ضرورة بقاء الأسبوع التمهيدي؛ إذ لم يعد له كبير حاجة، ومن الأَولى الاكتفاء باليوم الأول فقط (استقبالًا وتعريفًا وتسليمًا للكتب)؛ حفاظًا على الوقت والجهد، وحدًّا من الهدر المالي. المسألة الثانية تتعلق بالمقصف المدرسي. العجيب في المسألة هو أن المقررات الدراسية تجد فيها (ترغيبًا) للطلاب في الإفطار المبكر قبل مجيئهم للمدرسة، (وتحذيرًا) لهم من الوجبات السريعة والحلويات، ثم يجد الطالبُ المدرسةَ قد خالفت ما في مقرراتها، فألزمته بتناول فطوره متأخرًا وذلك في الفسحة التي تكون في حدود (العاشرة صباحًا) وهي التي رغَّبته -عبر مقرراتها- في الفطور المبكر في البيت قبل مجيئه للمدرسة، ويجدها وفرت له في (المقصف المدرسي) الوجبات غير المطابقة للاشتراطات الصحية، وهي التي حذرته منها. فحبذا لو تنظر الوزارة في هذه المسألة وتُقْدِم على خطوة من هذه الخطوات: الأولى- إلغاء المقصف المدرسي وإلغاء الفسحة، وإلزام الطلاب بالإفطار في بيوتهم قبل مجيئهم للمدرسة تمشيًا مع ترغيب مقرراتها. الثانية- إلغاء المقصف المدرسي وبقاء الفسحة شرط تقديمها بعد الحصة الأولى، مع إلزام الطلاب بإحضار الوجبات من منازلهم -كما يفعل بعض الطلاب غير السعوديين- كونها ستكون صحية، وفوق ذلك يتوفر لهم وقتٌ كافٍ للإفطار بدلًا من تضييعه في الاصطفاف. الأخيرة- بقاء المقصف المدرسي وفق اشتراطات صحية صارمة وبقاء الفسحة مع شرط تقديم وقتها بحيث يكون بعد الحصة الأولى مباشرة ليتوافق -بعض الشيء- مع مضمون مقرراتها التي ترغِّب الطالب في الإفطار المبكر في البيت قبل مجيئه للمدرسة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store