Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

قوة الجهل

No Image

A A
كنت أتفكر في المقولة المشهورة للإمام الشافعي: (ما جادلت عالماً إلا وغلبته، وما جادلني جاهلٌ إلا غلبني) وكنت أتساءل عن القوة التي امتلكها الجاهل ليغلب الإمام الشافعي وهو العالم الشاعر ذو الحُجة والبيان، وقبل أن أتقدم بخطواتي لطرح ما بدر على ذهني أدعوكم أعزائي القراء للتوقف عن القراءة نصف دقيقة فقط للتعمق في الفكرة.. حسناً دعوني الآن أعرض عليكم شيئاً مما أظنه من مرتكزات قوة الجهل:

أولاً- التعصب للرأي: وهذه الخصلة كفيلة بهدم أي مناقشة لأن صاحبها لا يسعى لإيصال فكرته بل لفرضها معتقداً أن الجدل نوعٌ من العراك الذي تُستعرض فيه القوة عبر الصوت العالي غالباً، وهذا ما لا يقوى من تربى على رقي العلم على مواجهته لاختلاف أدواته.

ثانياً- مخالفة مبادئ العلم: وحديثي هنا عن أي علم، فلكل علم قواعد وأصول يجهلها غير المختص لذلك قال أهل الأصول: (من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب) ولهذا نجد أهل العلم يصرون دائماً على تحاشي مناقشة غير المختص لأن الحوار معه لا يستقيم على منهج.

ثالثاً- انتهاك آداب الحوار: وهنا الفرق الجوهري بين العالم والجاهل الذي تكمن قوته في عدم قدرة العالم على الاسترسال في حوار تتدنى فيه اللغة وتُهمل فيه الآداب التي منها: (حفظ اللسان، مراعاة نبرة الصوت، التجرد للمعلومة وعدم الشخصنة).

رابعاً- الانجراف مع الرأي العام: يقول غوستاف لوبون في كتابه (سيكولوجية الجماهير): (وعندما تتوصل فكرة ما بواسطة مجريات متعددة إلى الانغراس في روح الجماهير فإنها تكتسب قوةً لا تُقاوم..)، وهذا ما يمنح الجهل قوة تستعصي غالباً على أساطين العلم والفكر المُستقل.

ولا شك أن السؤال المُتبادر للذهن يعيد نفسه على رؤوسنا مع كل فقرة: (هل معنى كلامك أن الجهل قوة لا تُقهر؟).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store