Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
لمياء باعشن

التفوق الثقافي: شدّي حيلك يا شطّورة

A A
في لقاء مطوّل على جريدة الحياة، بتاريخ ١٧ أكتوبر، أجاب الدكتور الخلوق أحمد الهلالي على أسئلة مختلفة تمس الوسط الأكاديمي والثقافي بعمق وصدق واتزان، لكنه فاجأ القراء بحكم قاطع في إجابة لم يكن لها سؤال، بمعنى أنه تقاطع مع السؤال ليخرج برد مباغت يربكه، على سؤال: لماذا ظلت المرأة، رغم تفوقها الثقافي، من دون منصب إداري في وزارة الثقافة؟ لم يأت الهلالي بأسباب، وإنما قاطع السؤال بقوله: «لست مع تفوق المرأة ثقافياً، فهي حاضرة في المشهد، لكنها لم تصل بعد لمرحلة التفوق الثقافي».

ويتابع الهلالي موضحاً رأيه: «ومع هذا، هناك من المثقفات من تستطيع قيادة المؤسسة الثقافية، فالأمر ليس معقداً كما يُظن، لكن الإشكال الذي يجب أن تحذره المرأة ألا تقع في فخ مقولة «لدينا امرأة تدير مؤسسة ثقافية»، وقدراتها أو ظروفها لا تساعدها في ذلك». كيف نفهم هذا اللغز بالله عليكم؟ المثقفة السعودية ليست متفوقة، ورغم أن القيادة الإدارية ليست أمراً معقداً، إلا أن المرأة يجب أن تحذر من فخ مقولة «لدينا امرأة تدير» وهي ليست أهلاً للإدارة؟

ولأن المسألة كانت بحاجة للتوضيح، فقد لاحقت الدكتور أحمد التساؤلات على وسائل التواصل الاجتماعي، فسألته على تويتر أروى الفهد، التي وجدت إجابته مطاطية، عن مقياسه للتفوق الثقافي، فقال: «مقياسي حضور إبداع المرأة في المشهد الثقافي، والجوائز المحلية والعربية قياساً بالرجل، وحضورها رمزاً ثقافياً كذلك».

غريب أن يأتي الرد هكذا، وقد سلّم الدكتور في إجابته سابقاً بحضور المرأة: «فهي حاضرة في المشهد، لكنها لم تصل بعد لمرحلة التفوق الثقافي»، هل المرأة حاضرة، أم غير حاضرة؟

ثم نكتشف من ردود الدكتور على أسئلة لاحقته على الواتس آب، أنه يقصد حضوراً معيناً، فهو يضع التحديات والمطالب بهذه الصيغة: «أريد شاعرة في قامة الثبيتي أو القصيبي، ناقدة في مستوى الغذامي أو البازعي، أديبة في مستوى عبدالجبار أو شحاتة أو العواد».

نحن إذن في مضمار تنافسي، وتعبير (التفوق) تلازمه (المسابقة) مع الرجال البادئين في الماضي، فإما أن تكون المثقفة على نفس مستوى الريادة الرجالية الأولى، وإما أنها لن تحلم بأن تـُحسب يوماً رمزاً ثقافياً. وهنا لابد من طرح السؤال المنطقي: هل تنطبق هذه الشروط على الرجال المثقفين الحاليين، أم أن الذكور قد وضعوا بصمتهم على قمة التفوق بشكل جماعي، أي أنهم في زمرة الرواد كونهم رجالاً؟

ثم إن من متطلبات هذا الحضور المُعْجز الحصول على جوائز، وكأن هؤلاء الأوائل قد حصدوا نوبل أو أقل منها، وكل هذا من أجل أن تتأهل المثقفة السعودية لمنصب إداري في مؤسسة ثقافية، ولو أن الدكتور الهلالي قد نظر حوله لاكتشف أنه لا أحد ممن يتنصّبون المراكز الإدارية في المؤسسة الثقافية يفي بهذه الشروط المجحفة، بل لو أنه بحث قليلاً لفاخر بإنجازات، وجوائز، وترجمات لمبدعات بارعات، كرجاء عالم، ورجاء الصانع، وفوزية أبوخالد، وأشجان هندي، وليلى الجهني، وبدرية البشر، وفاطمة الوهيبي، وغيرهن كثيرات.

في الختام يُطمئننا الدكتور الهلالي بأن الزمن تغير وأن الرياح مواتية، «وربما تشهد المرحلة القادمة تفوقها»، ولكنه ينصح المثقفة السعودية أن تكون «جادة باتجاه ذلك، فالتفوق لا يأتي إلا بالمثابرة والكدح».

هذه هي الرسالة التي وصلتني بوضوح: لا تغُـرّنـّك قدراتك الضئيلة يا ابنتي الصغيرة، ولا تـُنصتي للشهادات التي توهمك بأنك قادرة على التفوق، فلست كذلك، لكن لا تيأسي أيتها الصغيرة، فالمستقبل قد يحمل لك فرصة إن أنت اجتهدت وكافحت في طريق الرجال الوعرة، شُدّي حيلك.. ربما.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store