التقنية والنشء

كلما خطر على البال التقدُّم المهول الذي نعيشه في قطاع الاتصالات والتواصل الاجتماعي في وقتنا الحاضر، يتبادر للذهن «ستيف جوبز» الأمريكي، من أبٍ سوري، والمولود في العام 1955 في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، أحد مؤسسي أبل ورئيسه السابق الشخصية التي كانت العقل المُدبِّر خلف الابتكارات التي دفعت بصناعة الهاتف المحمول لآفاق جديدة.

وبالرغم من أن الآي فون والآي باد ومثيلاتهما كانت من أفكاره الابتكارية، إلا أن «ستيف جوبز» كان على علم تام بمدى تأثير هذه الابتكارات على النشء.

في العام 2014 انتشر في الصحافة العالمية خبر توجُّس «ستيف جوبز» من تأثير ابتكاراته الإلكترونية على الأطفال ومدى تأثيرها السلبي عليهم؛ فتحديداً في صحيفة التليغراف اللندنية ورد خبرٌ مفاده أن «ستيف جوبز» قد وضع قوانين لأبنائه تمنعهم من استخدام تلك الأجهزة بإسهاب. ونشرت النيويورك تايمز في سبتمبر من العام نفسه مقالًا أزاح الستار فيه الصحفي المهتم بالتقنية «نيك بيلتون» بأن «جوبز» كان يعترف بأنه ليس من محبي إقحام التقنية بكثرة في حياة أطفاله حين سأله «بيلتون» إن كان أبناؤه من محبي أجهزة الآي باد، قال «جوبز» إنه وزوجته يحدّون من استخدام أبنائهم للتقنية في المنزل. ويُعلِّق الكاتب نفسه بأنه لاحظ نفس الرتم من الإجابات لدى كثير من المهتمين بالتقنية، لدرجة أن «كريس أندرسون»- والكلام للكاتب- وهو محرر في مجلة ويراد المتخصصة في التقنية قال له: أطفالنا يتهموني وزوجتي بأننا فاشيّون، وبأن ليس من أحد من أصدقائهم يمرون بالقيود التي نضعها نحن لهم؛ لأنني أعلم المخاطر المحيطة بالتقنية، رأيتها بأم عيني، ولا أريد أن يراها أبنائي.

من أجل ذلك فإن للنشء علينا حقًّا أن نُعلِّمهم أن هذه الأجهزة، وبالرغم من كونها وسيلة ترفيه غنية بعوالم افتراضية مسلية ومشوّقة، إلا أنها كذلك قد تحول بينهم وبين اكتشافهم للعالم الواقعي الأهم حولهم.

يُذكر أن إحدى الدراسات الحديثة التي نُشرت في «النيوز ويك» بيّنت أن إزالة الأجهزة الذكية من أيدي الأطفال لمدة أيام فقط من شأنها أن تُحسِّن سلوكهم الاجتماعي، وأن استخدام الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية لمدة طويلة يزيد من احتمالية إصابتهم بالأرق والسمنة وقصور في المهارات الاجتماعية ونمو في الطابع والسلوك الإدماني؛ لذا توصي جمعية أطباء الأطفال الكندية بتحديد مدَّة استخدام الأجهزة المذكورة إلى ما لا يزيد عن ساعتين يومياً للأطفال. كما نوّهت ألا يكون الاستخدام إلا في محتوى يكون ملائمًا لفئتهم العمرية.