Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد أحمد مشاط

في عواصف الطقس والمسؤولية

الكلمات فواصل

A A
هطلت على مدينة جدة وما حولها يوم الثلاثاء الماضي أمطار كثيفة، كالتي عادةً ما تأتينا كل عامين أو ثلاثة؛ لتكشف للناس وللمسؤولين جوانب القصور، وعدم الكفاءة في كثير من الإدارات المسؤولة عن التصدي لهذا الجانب الطبيعي المتكرر. فمنذ السيول القوية التي اكتسحت عدداً من أحياء جدة في الثامن من ذي الحجة لعام ١٤٣٠هـ (٢٥/١١/٢٠٠٩م)، التي فُقد فيها كثير من الأنفس والممتلكات؛ ما يزال ساكنو جدة يعانون من الجوانب المدمرة للأمطار التي تمرّ عليهم من حين لآخر.

ويسأل المواطن: أين النتائج الإيجابية لكل تلك المبالغ المالية الكبيرة التي رُصدت من أجل وضع الحلول، وتشييد البنى التحتية لتلافي مثل تلك الأضرار والكوارث، التي طالما استهدفت الأرواح والممتلكات؟ ويتساءل أيضاً: لماذا لم تفلح الخطط التي أعدّت من قبل ذوي المسؤولية في جدة، واعتمدت لمواجهة هذه الحالة المتوقعة للطقس في أي عام؟

يثير هذا التساؤل الحتمي إن كانت هناك أصلاً خطط واستعدادات وضعت في حيّز التنفيذ لمواجهة ذلك الطقس وتبعاته، أم أنها قناعات شخصية غير عملية أو غير علمية أهدرت فيها الأموال؟ وإن كانت هناك خطط؛ وهو ما نود أن نسلّم به؛ فهل هي كافية؟ أو واقعية؟ أو مناسبة لمواجهة تلك الحالات الاستثنائية؟

إن الاقتناع الذي ساد في وقت مضى بأن «جدة لا يأتيها المطر إلا كل أربعة أعوام؛ لذا فمن غير الضروري أو المجدي إنشاء بنية تحتية ذات كلفة عالية لحمايتها من السيول»؛ هذا الاقتناع الذي عقّب نتائج كارثية لهذه المدينة وساكنيها. نرجو أن تلك القناعة قد زالت عن أعين أولئك الذين تحملوا الأمانة من بعد الذين قبلهم. ونعجب لو أن من حُمّلوا المسؤولية اليوم قد ورثوا قناعة سابقيهم فحجبت عيونهم وأذهانهم عن الرؤية المنطقية الواقعية للأساسيات والبديهيات الخاصة بذلك.

لعل النقطة المضيئة الوحيدة في مأساة هطول الأمطار الكثيفة الأخيرة؛ هي أن مشروع السيول الذي نفّذ تحت إشراف إمارة المنطقة، قد كان فاعلاً في تصريف شيء من مياه الأمطار بنسبة تعادل نصف طاقته تقريباً؛ ما ساعد على تجنيب مدينة جدة من عواقب مضافة، ونأمل بأن يكون المشروع فاعلاً حقّاً في حال تدفق سيول متنقلة كبيرة تأتي إلى مدينة جدة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store